المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام
د. محمد خير الوزير لـ 'هيئة تحرير سيريانوك منبر الوطنيين الديمقراطيين': الدعوة لمؤتمر وطني شامل وتوسيع دائرة الحوار للوصول إلى حل في سورية

د. محمد خير الوزير لـ 'هيئة تحرير سيريانوك منبر الوطنيين الديمقراطيين': الدعوة لمؤتمر وطني شامل وتوسيع دائرة الحوار للوصول إلى حل في سورية

استضافت الحلقة الثالثة من سلسلة "بيدرسون وبيكار الحل" التي تقوم على إعدادها وتقديمها هيئة تحرير سيريانوك منبر الوطنيين الديمقراطيين، الدكتور محمد خير الوزير الحاصل على الإجازة في الشريعة الإسلامية من الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة في المملكة العربية السعودية، والدكتوراة في الشريعة والقانون من الجامعة الأوروبية العالمية في باريس (European Global School)، ويعمل حاليا مستشارا لبناء السلام في مجلس الكنائس العالمي.

 

أوضح الدكتور الوزير خلال اللقاء أنه لا يمكن القول بخروج الحل من أيدي السوريين نظرا لتحولهم إلى مفعول به، ونتيجةً لكثرة اللاعبين الدوليين، ووجوب تنفيذ ما يرونه ويتفقون عليه، ويندرج هذا النوع من الكلام ضمن إطار الكلام الهدام، ويُرفض جملة وتفصيلا.

 

وبيّن أنه من خلال الحوار والنقاش وتوسيع دائرة العمل يمكن الوصول إلى حل في سورية، ويكون دور اللاعبين الدوليين والأمم المتحدة من خلال تأمين اللقاء وترتيباته الهادفة إلى توسيع دائرة الحوار بين السوريين، وبالتالي فإن الحل بأيدي السوريين، إلا إذا هم "السوريون" تنازلوا عنه وأخرجوه من أيديهم.

 

ويحدد الحل وفق رؤية الدكتور الوزير بسعي السوريين لعقد مؤتمر سوري جامع يجمع كافة الأطياف "الدينية والفكرية والسياسية" على طاولة حوار للوصول إلى الحل؛ والتاريخ مليء بالشواهد على حل الخلافات وصولاً إلى الصلح الذي يعني في اللغة العربية "الاتفاق على حل يرضي جميع الأطراف".

 

وبالنسبة لموضوع أن بيكار الحل بيد المبعوث الأممي "بيدرسون"؛ رأى الدكتور الوزير أن الظروف الدولية والوباء الذي انتشر في العالم "كوفيد 19"، لا تمكننا من الحكم على أن جهود المبعوث الأممي كانت قاصرة أو لا، لكنه عمل على الضغط باتجاه اللجنة الدستورية، وكان يضغط على الحكومة السويسرية لإصدار التصاريح الخاصة باجتماعاتها، وإجراء اللقاءات، وهذه الأمور الإجرائية صعبة للغاية، وفي مجلس الكنائس العالمي تنفيذ بعض الاجتماعات، وواجهتنا الكثير من التعقيدات بسبب صعوبة الظروف التي يجب مراعاتها، وكل ما سبق يجب أخذه بعين الاعتبار عند الحكم على عمل بيدرسون.

 

وفي الرد على سؤال: هل هناك شرط مسبق لعقد مؤتمر وطني جامع يكون المشاركون فيه من جميع الأديان والطوائف حاضرين، أم نحن اليوم بحاجة إلى مؤتمر يفصل رجال الدين عن رجال الدولة، ويفصل الدين عن الدولة، مؤتمر علماني شامل للجميع؟

أجاب الدكتور الوزير أنه في هذه النقطة لغم كبير بالنسبة لشعب معظمه متدين بالنسبة لديانتين كبيرتين في سورية "الإسلام بكافة طوائفه والمسيحيين"، وأقلية قليلة غير متدينة؛ لذلك لا نستطيع أن نعزل هذا الشيء طرفا، ونحن نريد أن نفصل الدين عن السلطة، فلا تكون السلطة دينية، بل تكون جماهيرية شعبية، وليست سلطة الدين. كما أننا لا نريد فصل الدين عن الشعب، وللشعب حرية التدين، الذي هو موجود في الأصل. وما عنيته بالمؤتمر الشامل ألا يغفل أي مكون من المكونات السورية الموجودة، ولا يهيمن أحد من المكونات على الآخر، فعندما يكون الحوار على طاولة مستديرة، والكل متساو، وينطبق عليهم المثل الشعبي "كلنا بالهوا سوا"  يكون التعاقد على عقد اجتماعي صحيح مبني على أسس توافقية وتشاركية تؤسس لعيش مشترك لا يفرق على أسس مثل "الجنس – الدين – العرق – الطائفة – المذهب – التوجه السياسي"، بل للجميع الحق في العيش على هذه الأرض، بما فيهم الموالون للنظام، لأن الحل يجب أن يكون جامعا لكل السوريين.

 

واعتبر الدكتور الوزير أن انتظار تنفيذ المؤتمر بالشكل المثالي هو أمر متعذر عقلا ومنطقا، ويقع على غير السوريين "الدول الفاعلة" العمل على تسهيلات السوريين للقاء ببعضهم، لأننا سنجد على الأرض أشخاصًا لهم كلمة، ورؤساء مجالس محلية ومنظمات مجتمع مدني كبرى تعمل على الأرض، فلا يستطيع بعض هؤلاء الذهاب مثلا إلى جنيف لعدم امتلاكه لجواز سفر أو تأشيرة وغيرها من الأمور اللوجستية، لذلك يمكن أن يكون المؤتمر على مراحل "لجنة تحضيرية يليها اجتماع أول وثاني وثالث". كما أنه علينا ألا نعتقد أن يكون المؤتمر ليوم واحد وتحل القضية السورية بجلسة واحدة، أو بأشخاص منتخبين؛ لذلك لا بد أن يكون على مراحل، وهو موضوع ليس بالسهل. وتنبثق عن المؤتمر الأول لجان متابعة للتواصل مع المجالس المحلية والمنظمات الكبرى ورجال الطوائف والمجالس الكردية والتركمانية وغيرها من المؤسسات المشكلة على أساس عرقي، أو المكونات التي يقع على عاتق لجان المتابعة التواصل معها. وقد يعترض هذا العمل مسألة التمويل، الذي يحتم على القائمين على هذا المؤتمر ألا ينتظروا التمويل لأنه يعيدنا إلى المربع الأول، وارتهان المؤتمر للدول الداعمة، ويعمل لصالح أجنداتها، ومن الممكن أن يكون التمويل سوريًّا من خلال مشاركة كل سوري بما يستطيع، أو قبول التمويل غير المشروط وهذا مرحب فيه، لكنه مسألة ليست سهلة.

 

وأضاف الوزير أنه من خلال تجربته في مجلس الكنائس العالمي تم العمل على حوار سوري – سوري بدأ منذ عدة سنوات، ومن خلاله تم اجتماع ولقاء ما يزيد عن /2400/ شخص  سوري من كافة الأطياف والمستويات والمسارات، والوصول من خلالهم لوثيقة بعنوان "نحو أسس لعيش مشترك ومحددات لعقد اجتماعي سوري جديد"، مؤلفة من عشرين نقطة، عمل على صياغتها السوريون، والعمل المذكور بتقييم الكثير من الشركاء تم اعتباره بأنه عمل ناجح. لذلك لا بد من تعميم هذه الفكرة، لكن بشكل أوسع لتصل إلى شريحة أكبر من السوريين تجمعهم على طاولة واحدة، بعد سحب فتائل الانفجار المحتملة فيما بينهم قبل اللقاء. والوصول إلى أرقام عالية وأشخاص فاعلة يحتاج لقدرة عالية، وهنا تأتي هندسة الحل التي يمسك بها السيد "بيدرسون"، وبالتالي فإن السير بهذه الاستراتيجية لا بد أنه يفضي إلى الحل من خلال جمع كافة الأطراف، فاللجنة الدستورية على سبيل المثال غير مهنية، وهي مناصفة بين فريقين، ولا يمكن أن نقول عنها أنها تمثل كل السوريين، نظرا لعدم تمثيل شمال شرق سوريا فيها، وبالتالي ستصل لطريق مسدود. ويُضاف إلى هذا المثال العديد من المنصات والشخصيات التي تمثل شريحة كبيرة من المجتمع لكنها مغيبة عن طاولة الحل.

 

وأكد الوزير في لقائه؛ بالنسبة للدول المتدخلة في سورية، فلكل منها أجنداتها ومصالحها، كروسيا وإيران وتركيا. وبالنسبة للدولة الساكتة كمصر التي كنا نعول عليها كثيرا نظرا لوجود مقر جامعة الدول العربية فيها. وهناك دول صغيرة لا حول لها ولا قوة مثل لبنان. أما الدول الأوربية فإن العائق لديها يتمثل في البيروقراطية الأوربية، وخاصة سويسرا وألمانيا، فهم يمتلكون مبادرات للحل، لكنهم غير قادرين على حل كل المشاكل، بسبب وجود أطراف نزاع على الأرض ممكن أن يأخذ اختيار المندوب والممثل لها وقتا طويلا، وأحيانا ينقل صورة غير مكتملة، أو خاطئة، أو ينقل رؤيته متجاهلا الواقع، ويعود سبب ذلك إلى عدم مهنيته، ففي اللجنة الدستورية مثلا أشخاص تحصيلهم العلمي ضعيف، وكذلك مستواهم الثقافي، وهذا يشكل عائقًا، لذلك يحتاج الحل إلى فريق من المهندسين "ولا أعني مهندسين بالمعنى الأكاديمي"، بل مهندسون يضعون كل شيء في مكانه المناسب.

 

وأشار الوزير في رده على سؤال حول الصمت الأمريكي المتزامن مع غياب الجسم السياسي الجامع للسوريين، ومماطلة اللجنة الدستورية؛ أن عقد المؤتمر الوطني الجامع سيثبت وجود أشخاص فاعلين، وسيدفع الدول المتدخلة إلى عدم تجاوزه، خاصة إن أسس له بشكل صحيح، وضم كافة المكونات من كافة الاتجاهات. وأفاد أنه في مطلع العام 2014م زار الولايات المتحدة الأمريكية، والتقى بمسؤول كبير في الإدارة الأمريكية يدعى "روبرت ميلي" الذي عُين لاحقا بمنصب رفيع عن ملف الشرق الأوسط، وأن روبرت أخبره بأن ما يجري في سورية ليس من أولويات الإدارة الأمريكية، حيث تنتظر أمريكا هدوء غليان المنطقة لتتدخل لتحقيق مصالحها، وعليه فإن الحل إن لم يكن "سوريًّا – سوريًّا" لن يكون هناك حل، ومجرد التفكير خارج هذا الاتجاه فإن ذلك يخرجنا من دائرة الوطنية.

 

وختم الوزير كلامه بضرورة العمل والتعاون بين السوريين على ما يتفقون ويجمعون عليه فيما بينهم، ويتحاورون للوصول إلى نقاط مشتركة للبناء عليها فيما يختلفون فيه، وهذه القاعدة موجودة في كثير من الحالات كسويسرا مثلا التي بنى أبناؤها دولة مزدهرة وآمنة رغم أن ما يفرقهم أكثر بكثير مما يجمعهم، وهذا الأمر ممكن أيضا في سورية وليس خارجًا عن المألوف.

 

يمكنكم متابعة المقابلة كاملة عبر قناة "المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام" على اليوتيوب

تابعنا على الفيسبوك

القائمة البريدية


تابعنا على تويتر

جميع الحقوق محفوطة للمؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام © 2024 / تنفيذ وتطوير شركة SkyIn /