الحوار ودوره في تحقيق التماسك وبناء العقد الاجتماعي بين السوريين
الدراسة الواردة أدناه هي عبارة عن مجموعة من المحاضرات ألقيت من قبل د. محمد خير الوزير بعد دعوته من قبل معهد العلوم الإسلامية - Islamologisches Institut
في فيينا/ النمسا
الكاتب: الباحث د. محمد خير الوزير
تاريخ النشر: 2019/07/08 م
مقدمة
يؤكد المهتمون بأدبيات التربية بأن الحوار من أهم أدوات التواصل الفكري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي التي تتطلبها الحياة في المجتمع المعاصر، لما له من أثر في تنمية قدرة الأفراد على التفكير المشترك والتحليل والاستدلال، كما أن الحوار من الأنشطة التي تحرر الإنسان من الانغلاق والانعزالية، وتفتح له قنوات للتواصل يكتسب من خلالها المزيد من المعرفة والوعي، كما أنه طريقة للتفكير الجماعي والنقد الفكري الذي يؤدي إلى توليد الأفكار والبعد عن الجمود، ويكتسب الحوار أهميته من كونه وسيلة للتآلف والتعاون، وبديلاً عن سوء الفهم والتقوقع والتعسف.
أولا: مفهوم الحوار وأهميته وأنواعه
يمكن تعريف مفهوم الحوار لغة بأنه الجواب، وقيل المحاورة بمعنى المجاوبة والتحاور والتجاوب.
أما المفهوم الاصطلاحي للحوار فهو عملية فكرية ذهنية تجري بين اثنين أو أكثر، للمناقشة والتحاور حول موضوع محدد للوصول إلى هدف معين (1).
1- أهمية الحوار
تناول الكثير من التربويين مفهوم الحوار وأهميته في حياة الأفراد والشعوب من خلال دراسات علمية تربوية، حيث أصبح الحوار في عصر المتغيرات المتسارعة مهارة حياتية لا غنى للجميع عنها من آباء وأمهات وأبناء وبنات، بل أصبحت مؤسسات المجتمع بحاجة ماسة إلى هذه المهارة المهمة والمهارة الذكية، التي تختصر المسافات لنقل المعارف والآراء والأطروحات والقيم والأفكار والاتجاهات.
والمتأمل لحياتنا اليومية يجد أن الحوار هو مرتكز أساس لحياتنا، وخاصة بعد دخول الاتصالات المادية التي هي جزء من نشر الحوار اليومي من خلال أجهزة الاتصالات الهاتفية والقنوات الفضائية.
ومن خلال المفهوم العام للحوار فإنّه يعمل على تهميش ثقافة أحادية التفكير والإقصاء الذي يمارسه البعض تجاه الآخر مما يساعد على التعرف على الآراء المطروحة وأسباب طرحها لكي يسهل الحوار من خلالها للوصول إلى إظهار الرأي وبيان وجاهته وقيام الحجة على الطرف الآخر.
وتظهر أهمية الحوار بأنه حاجة إنسانية مهمة يتواصل فيها الإنسان مع غيره لنقل آرائه وأفكاره وتجاربه وقيمه، كما ان الشعوب أصبحت في حاجة ماسة لنقل حضارتها من خلال الحوار، كما ان الحوار يساعد الإنسان على تقوية الجانب الاجتماعي في شخصيته من خلال حواره مع الآخرين وتواصله معهم، كما ان العصر الذي نعيش فيه أصبح لزاماً على الإنسان أن يدرك مهارة الحوار من خلال ظهور القنوات الفضائية فأصبح في عالم متسارع من الاكتشافات العلمية والانفجارات المعرفية في جميع مجالات الحياة (2).
2- أنواع الحوار
للحوار ميادين مختلفة وأنواع متعددة منها (3) :
أ- الحوار الديني
ب- الحوار الوطني
ت- الحوار الرياضي
ث- الحوار الاقتصادي
ج- الحوار الأمني
ح- الحوار التربوي والاجتماعي
خ- الحوار السياسي
3- مبادئ الحوار
وفقا لعلماء التربية والاجتماع فإن الطبيعة الإنسانية ميالة بطبعها وفطرتها إلى الحوار، أو الجدال، وهو ما يطلق عليه القرآن الكريم في وصفه للإنسان؛ ((وكان الإنسان أكثر شيء جدلا))، وعليه فإن للحوار أصولٌ متبعة، وللحديث قواعد ينبغي مراعاتها، وعلى من يريد المشاركة في أي حوار أن يكون على دراية تامة بأصول الحوار المتبعة؛ لينجح ـ بحول الله ـ في مسعاه، ويحقق ما يرمي إليه، ومن آداب الحوار ومبادئه:
أ- التركيز على نقاط الاتفاق
ب- التحاور في المختلف فيه: ينبغي التركيز في الحوار على الجوانب العملية التي يقصد بها كل ما يتعلق بمواقفنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فنجتمع حول هدف واحد، ونصدر عن موقف واحد، ونواجه المخططات المعادية بخطة واستراتيجية واحدة.
ت- تجنب الاستفزاز والمفاخرة: حيث يتوقف الحوار ويفشل في طرحه المنشود متى استخدم أحد الفريقين ألقابا وكلماتٍ وعبارات مثيرةً ومستفزة للطرف الآخر، منها على سبيل المثال تسمية أهل السنة للشيعة بـ"الرافضة"، وتسمية أهل الشيعة للسنة بـ"الناصبة".
ومن ذلك البعدُ عن كل الموضوعات ذات الحساسية الخاصة. وكذلك عدم وجوب التفاخر خلال الحوار بالمميزات المادية أو المعنوية لأحد أطراف الحوار، وتجلى ذلك في القصة الواردة في سورة الكهف في كلمة صاحب الجنتين لصاحبه (وَهُوَ يَحَاوِرُهُ أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً) لأن الآثار المترتبة على ذلك تؤدي إلى انشداد الإنسان إلى الأنا والاستقواء بالدنيا وطول الأمد.
ث- البعد عن شطط الغلاة: ومن المبادئ المهمة في الحوار والتقريب، البعد عن الغلاة والمتنطعين والمتطرفين من كلا الفريقين، الذين يثيرون الفتن في أحاديثهم وكتاباتهم، ومن أبرز مظاهر الغلو على سبيل المثال اتهام الغير بالكفر، وإذا كان هناك متخصصون في تكفير المسلمين جميعا، فإن هناك متخصصين في تكفير الطوائف الأخرى دون غيرهم من أبناء تلك الطوائف.
ج- ضرورة التلاحم والتكاتف في وقت الشدة، خاصة أن الأمة تعيش حاليا في وقت ربما لم تمر به سابقا (4)
ح- ضرورة الاعتماد على العقل وتطبيق المقدمات المنطقية السليمة، سـواء ما يتعلق بتقديم الفكرة والتدليل عليها، أو ما يتعلق بقبول ما يطرحه الطرف الآخر مادام أنه قد وصل إليها بالمنطق السليم والحجة القوية الدامغة، ويتمثل ذلك بوضوح في محاورة إبراهيم عليه السلام للنمرود وادعائه أنه رب العالمين، وهو ما يوضحه قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) "البقرة:258 "
4- أهداف الحوار
أ- يساعد الحوار على عرض الأفكار من قبل الطرفين والحجج والأدلة على صحة الطريق الذي يمشون به، فهو يدفع الشبهات ويجعل المحاور قادراً على عرض أسبابه وغاياته وتوضيح الشبهات.
ب- يمكن المحاور من دعوة الطرف الآخر لأمر ما بشكل حضاري وفعّال، حيث إنه يقوم بعرض كل ما لديه بشكل مريح. يمكن للحوار أن يقرب وجهات النظر، ويزيل الفجوات بين المتحاورين ويبعد التباغض والتناحر فيما بينهم.
ت- إظهار الحقائق، وكشف جميع الأكاذيب والترهات.
ث- ينشر المعارف والثقافات، ويعزز من كمية معلومات المتحاورين حول مواضع معينة.
ج- نشر الألفة والمحبة بين البشر، وصنع العلاقات الجيدة والصداقات.
ح- يعزز وجود الإنسان الروحي. تعدد الخيارات والحلول أمام المحاور، مما يسهل عليه عملية الفهم
والاختيار السليم(5).
خ- التعافي من الأمراض الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والروحية والدينية، والحفاظ على الهوية الوطنية للدولة التي تفرض واجبات، وتحترم الحقوق.
5- صفات المحاور
ينبغي على المحاور سواء كان فردا أو مجموعة أن يتحلى بعدة صفات أبرزها:
أ- جودة الإلقاء، وحسن العرض، وسلاسة العبارة، وسلامة اللغة.
ب- ترتيب الأفكار: فالقدرة على ترتيب الأفكار، وتسلسلها، وارتباط بعضها ببعض وعدم تداخلها، أو اضطرابها، مما يثبت حجة المحاور ويقويها.
ت- حسن التصور: أي ألاَّ تكون الأفكار عند المتحدث مشوشة أو متداخلة أو متضاربة، فبعض الناس -لضعف تصوره- ربما يطرح فكرة أثناء النقاش، وبعدما ينتصف في شرحها يتبيَّن له أنها غير صالحة، ولا تخدم الغرض، فينتبه في منتصف الطريق بعدما يكون قد تورَّط في ذلك.
ث- أن يفهم لغة الجسد وأن يحسن الاستماع الجيد لأن الاستماع يعلم أكثر ويجعل الإنسان يفهم الآخر يقال “تكلم حتى أراك”، لأن الكلام يمكن من رؤية الجوهر الحقيقي للشخصية وأن تمنح الآخر فرصة لإبداء رأيه والتعبير عنه،
ج- الدقة والايجاز لأن خير الكلام ما قل ودل، وكثرة الكلام والثرثرة بلا فائدة تجعل المحاور فاشلاً لأن الطرف الآخر يمكن أن يركز معك لكن فقط خلال وقت وجيز (6).
ح- أن يتحلى بالوعي التام والأمانة، والقدرة على التحمل والمرونة والصبر
ويعد الحوار ركنا أساسيا من الأركان التي تبنى عليها الدول وتعتمدها في سبيل تحقيق العيش المشترك بين مكوناتها ويلعب المحاور دورا رئيسيا بما يمتلكه من ملكات وثقافة ووضوح في الهدف المرجو الوصول إليه.
ثانياً: قضايا الحوار السوري
تتعدد المواضيع والقضايا المطروحة للحوار على الساحة السورية بين مكوناتها الدينية والعرقية المتعددة ولكن من الممكن إيجازها بما يلي:
- شكل النظام السياسي في سورية وموقع الشعب منه.
- الدين والدولة وعلاقة كل منها بالآخر.
- القوانين الدولية ومدى تبنيها أو موائمتها مع الحالة السورية.
- المواطنة في سورية المستقبل وحقوق وواجبات المواطن (7).
ويمكن إجمال كل هذه القضايا والمواضيع ووضعها تحت بند واحد، وهو الحوار حول التعاقد الاجتماعي والبحث عن سبل العيش المشترك والتماسك المجتمعي. وإيجاد عقد اجتماعي يسعى إلى تنظيم شؤون الدولة التي تضم أفراداً من مكونات متعددة إثنية وعرقية.
ثالثا: الحوار الإسلامي المسيحي كواحد من أبرز أنواع الحوار
تنبع أهمية الحوار الديني "الإسلامي المسيحي"، اليوم في خضم ما تشهده الساحة العربية عموماً والسورية خاصة، باعتباره السبيل الأنجع إنْ لم يكن الوحيد لمواجهة مشكلة الإسلاموفوبيا في الغرب، ومشكلة الأقليات الدينية في بلدان العالم الإسلامي والعربي، و الحوار الإسلامي ــ المسيحي إن كان أمراً هاماً للغاية، إلا أنه لم يصل ليكون ضرورة حضارية لا غنى عنها، فالأرمن عاشوا في حلب إلى جانب الكرد والعرب المسلمين، وكذلك في العراق وبيروت دون إرادة سياسية داخلية أو خارجية، علماً أن حصوله يعني إعطاء حضارة المشرق ومجتمعاته سمة الغنى والرقي، ويعتبر حاجة ضرورية على مستوى المسلمين والمسيحية الغربية لأسباب تتعلق بواقع الجماعات المسيحية الغربية نفسها.
وللحوار بين الأديان أهداف متعددة بعضها أهداف أساسية كانت وراء التفكير في نشأة الحوار وتطويره، ومن أهمها مسألة التفاهم بين الأديان المختلفة، وكذلك التفاهم بين المذاهب والفرق داخل الدين الواحد. ومن الممكن أن يكون الهدف الثاني أقدم من الهدف الأول إذا أخذنا في الحسبان النشأة المسيحية للحوار الديني في الغرب والتي ركزت على التقريب بين المذاهب المسيحية. إضافة لما للحوار بين الأديان من أهمية لدوره في صياغة الشخصية الحضارية لكل أمة، ولما للدين من أثر في حل النزاعات الحاصلة بين البشر (8).
إلا أنه ومما لا شك فيه أن الحوار الدينيّ على أهميته إذا ما اقتصر على المسائل العقيدية والنظرية، أي إذا ما اكتفى بنفسه دون أن يتناول قضايا الإنسان المعاصر وهمومه تكون جدواه محدودة وبخاصة عندما لا يستدعي سوى الجدالات العقيمة والمناكفات التي لا تنفع الإنسان الغارق في همومه وهموم مجتمعه ووطنه.
ما يجمعنا اليوم هو الإنسان الذي جعله اللهُ أفضلَ المخلوقات، و أرسل الأنبياءَ والرسل من أجل خدمة هذا الإنسان المخلوق "على صورة الله ومثاله"، والذي هو "خليفة الله في الأرض".
والأديان هي لخدمة الإنسان ورفع شأنه وكرامته. لذلك، فأهل الأديان، في حواراتهم، مدعوّون إلى معالجة القضايا المشتركة التي ترهق كاهلَ الناس في بلادنا، وإلى التنافس على استباق الخيرات: "لكلٍّ جعلْنا منكم شرعةً ومنهاجًا ولو شاء الله لجعلكم أمّةً واحدة ولكنْ ليبْلُوَكم في ما أتاكم فاستبقوا الخيرات. إلى الله مرجِعُكم جميعًا فينبّئُكم بما كنتم فيه تختلفون" (سورة المائدة، 48)، أي على خدمة الإنسان المحتاج إلى أعمالنا أكثر من أيّ أمر آخر.
وفي المسيحيّة أيضًا نقول إنّ الله قد سلّمَنا الأرض أمانةً كي نجعلها ملكوتًا أو فردوسًا نتذوّقُه "هنا والآن". استباق الخيرات يعني أن يكون الإنسانُ، أيُّ إنسان بدون استثناء، هو محور تفكيرنا وخدمتِنا وفعلِنا.
فعلينا، إذًا، وبمعزل عن خلافاتنا الدينيّة، أن ننظر إلى الخيرات الإلهيّة المطلوب منّا أن نحقّقها للإنسان في عالمنا اليوم، إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها. هذا هو التحدّي الحقيقيّ الذي يواجهنا اليوم والآن في المنطقة العربية وعلى أساسه علينا تحديد أولويّات العمل المشترك.
في ظلّ ما يجري اليوم في بلادنا، ثمّة الكثيرُ ممّا هو منشودٌ أن نتعاون في سبيل تحقيقه يمكن أن يكون على سلّم أولويّاتنا في أجندة الحوار، ويمكننا إيجازه في نقطتين أساسيّتين، هما العمل معًا من أجل سيادة قيم المواطنة وحقوق الإنسان، والعمل معًا من أجل مساعدة الفقراء وإيواء النازحين والتخفيف من مآسي ضحايا الحروب والنزاعات.
وبناء على ما سبق فإنّ المشكلة لا تتأتّى من الأديان، بل من تسييس الدين واستغلاله في الصراع السياسيّ، ما يستتبع بالضرورة استخدام الدين في إذكاء الفتنة ما بين أتباع المذاهب المختلفة.
كما أنّ البعض من أهل الدين والسياسة لا يتوانون عن تديين السياسة فيضفون طابعًا دينيًّا على طروحات هي بالأصل سياسية ويجب معالجتها سياسيًّا واجتماعيًّا.
وذلك لا يجوز من ناحية بناء الدولة ولا من الناحية الشرعية، لأن دين الدولة دستورها الذي يضمن لكافة المواطنين المساواة والعدل وما يرتبط بها ويدور حولها من حقوق طبيعية تكرس له حقه الإنساني في حياة كريمة، ولأن السياسة تحولت إلى مهنة قائمة بحد ذاتها حدد ماكس فيبر سمات القائد السياسي الحقيقي فيها بثلاث صفات، هي العاطفة المتقدة والشعور بالمسؤولية والاحساس بالتناسب.
فالقائد صاحب قضية، وليس متبجحًا بسلطة اكتسبها حديثًا، ولا تفضي سياساته إلى نتيجة لأنها سياسات بلا أساس. وعلى النقيض من ذلك، يتسم الذين تُعقد لهم القيادة السياسية بالشجاعة الأخلاقية وبإحساس داخلي بالهدف مع القدرة على إصدار الاحكام الواعية وشعور عميق بالمسؤولية. وبذلك يقع على عاتق السياسي أن يحمل هموم مواطني، على اختلاف أطيافهم كحال الطبيب الذي يداوي الإنسان بصرف النظر عن انتمائه ومعتقداته، وحال المهندس الذي ينفذ مشروعا لا يعرف توجهات مستثمريه، وقس على ذلك من المهن والحرف المتنوعة التي وجدت لسعادة الإنسان وتسخيرها لخدمته (9)..
لا بدّ، إذًا، للمؤسسات الدينيّة من العمل كي يصبح الخطاب الدينيّ في سبيل التقارب والتآلف ما بين المواطنين، لا أن يكون أداةً في أيدي المغرضين الساعين إلى القتل والنهب والسبي. وهذا يقتضي منّا السعي الجدّي والحثيث للوصول إلى مجتمع يقوم على إعادة الاعتبار إلى الإنسان، عبر التربية على المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات ما بين المواطنين جميعًا، وعبر بناء الدولة المدنيّة، دولة القانون والمؤسّسات.
1- نشأة الحوار الإسلامي المسيحي
قرّب الرسول صلى الله عليه وسلم مع ظهور الإسلام بين الآراء، وذلك في حواراته المختلفة مع المشركين واليهود والنصارى، وحتى مع أصحابه في محاولة تعليمهم أمور دينهم، بذلك يكون الحوار بين الإسلام والمسيحية ليس وليد الساعة وإنما ظهر بظهور الإسلام.
و بما أن الوجود الإنساني يتأسس على مرجعية مركزية (عقدية)، وأطراف متعددة تعيد صياغة منظورها بالنظر إلى هذه المرجعية، في المقابل تحاول بعض المجموعات الثقافية والدينية والسياسية التمرد على هذه المرجعية بحثا عن مرجعية مغايرة تجد فيها أكثر قربا من الحقائق، لذلك حينما ظهر الإسلام حاول إبطال المرجعية السائدة التي التف حولها الناس والقضاء على مركزيتها، احتفاء بمركزية عقدية منطقية، الأمر الذي أدى إلى تعارض الرؤى والمصالح فكان من نتائجه تأجج الحروب والصراعات.
ولأن الإسلام في مضمونه حمل رسالة سلام وسعى للحفاظ على وحدة الأطراف تحت راية إلهية واحدة، فقد شجع على استخدام الحوار كوسيلة تفاهم وتقريب بين الرؤى وإقناع بضرورة تعديل التصورات الخاطئة عن الله والوجود والكون، ولم تكن مهمة الحوار الإسلامي محصورة في محاولة التقريب بين الشعوب وإقناعها بأهمية الدين الجديد في ذلك العصر، وإنما امتدت لتشمل كل العصور.
ففي راهننا المعاصر صار التأكيد على صيغة الاشتراك ضرورة ملحة في ظل هذا التضارب والتعدد، لتجنيب العالم مزيدا من الخراب، ولإقناع غير المسلمين ـ بالنسبة لنا ـ بصحة دين الإسلام والدفاع عنه وعن رموزه(10).
ويدخل الحوار الإسلامي المسيحي اليوم مرحلة من أهم مراحله خاصة بعد التطور الملحوظ في وسائل الإعلام الذي نقل فضاءات النقاش إلى خارج الأمكنة التي كان يدور فيها عادة، وأبعدها عن دائرة الأشخاص الذين كانوا يحتكرونه منذ قرون، فكان هذا الاحتكار أحيانا سببا لفشل الحوار ونزوعه نحو العنف المتبادل.
2- أهمية الحوار الإسلامي المسيحي في الوقت الراهن
تأتي أهمية الحوار الإسلامي المسيحي في الوقت الراهن وبالدرجة الأولى لمواجهة العدو المشترك لكل الأديان، وهو المتمثل في الاتجاهات المتطرفة، وغيرها من المفاهيم والأيديولوجيات الرافضة للدين والمعادية له التي نجحت في غزو الحياة الفكرية للإنسان، وإضعاف الأساس الديني والأخلاقي للحياة الإنسانية ، وسعت إلى عزل الدين عن الحياة، كما سعت بعض هذه الاتجاهات إلى إلغاء الدين وإبطال دوره في تسيير الحياة الإنسانية كما فعلت الشيوعية والاتجاهات المادية الإلحادية.
كما يسهم الحوار من جانب آخر في مواجهة التطرف الديني وهي مشكلة عامة تواجه كل الأديان الحية، فقد انتشرت ظاهرة التطرف الديني وما يصاحبها من تشدد وتزمت وإرهاب وعنف في كل المجتمعات الإنسانية تقريبًا، وهي مشكلة لها بعدان:
البعد الأول: داخلي ينتج عنه توزع أهل الدين الواحد إلى فئتين على الأقل، فئة متمسكة بالدين في نظامه الأساس الأصل، وفئة ثانية متطرفة خارجة على هذا النظام ومنحرفة عنه بتفسيراتها المتشددة لتعاليم الدين والذي ينعكس على علاقاتها ومعاملاتها مع الفئة الأولى.
البعد الثاني: خارجي يتمثل في اتساع دائرة التطرف الديني لتصبح ذات تأثير على علاقات الأديان بعضها ببعض، وفي البيئة المتعددة ذات الأديان الأخرى داخل المجتمع الواحد (11).
ومن وجهة نظر إسلامية، فإن الحوار مع المسيحيين لديهم يتسم بالسهولة، لاعتقادهم أن القيم المشتركة التي تجمعهم مع المسيحيين كثيرة، وأهمها (الإيمان بالله الواحد – وبالوحي وبالنبوة وبالكتب المقدسة وبموقف الإنسان الديني الأساسي من الله، وهو الخضوع والتسليم والصلاة والصوم بل الرغبة الصوفية في الاتحاد بالله والتركيز على موقف الإسلام الإيجابي من يسوع ومريم ومن الانجيل والرسل والرهبان، ومن المسيحيين عامة و يقوم الحوار على توحيد الجهود في سبيل القيم الإنسانية الأساسية من عدل وسلام و أخوة وتعاون (12).
ولكن ذلك كله لا يجعلنا نغفل أن للأديان مواقفها السياسية والدينية والاقتصادية والاجتماعية ولا تعيش في عزلة عن مشكلات إنسانها وقضاياه المعاصر، والنتيجة أن يسهم الحوار في علاج القضايا الإنسانية التي تواجه البشرية في كل مكان.
3- الحوار خيار أمثل
تقتضي اللحظة التاريخية التي نعيشها منا جميعا الإسراع في بلورة خيار الحوار والتواصل مع الآخرين حتى نتمكن جميعا من زيادة وتائر التضامن والتعاون، وإزالة كل عوامل الفرقة وسوء الظن المتوفرة بشكل أو بآخر في الوسط الاجتماعي لذلك فإننا نرى أن الظرف جد مناسب ولا يحتاج إلا إلى إرادة صلبة لترجمة هذه التطلعات والآمال بسبب ما تحتويه صورة الواقع التي تتمثل بما يلي:
1- حضور التحديات الجسام التي تواجهنا جميعا وتتطلب منا رؤية مشتركة، وإرادة واحدة صوب الاستجابة النوعية لهذه التحديات .
2- فشل خيارات الإقصاء والنبذ والمفاصلة الشعورية مع الآخرين، فكل الأحداث والتطورات الراهنة أثبتت أنه لا مستقبل لأي ثقافة تقصي الآخر وتمنعه من التعبير عن رأيه، وإنما المستقبل للثقافة التي تتسع إلى آراء الآخرين، وتستوعب تعبيراتهم المختلفة، وتسعى نحو بناء الحقائق المشتركة. لذلك فإن الحوار الإسلامي - الإسلامي هو بوابة القطيعة الفعلية مع كل نزعات الإقصاء والنبذ وممارسة القهر التي قد تنطلق من رؤية ثقافية أو من منهج ايدولوجي
4- أسس الحوار الديني الإسلامي المسيحي
يقوم الحوار الإسلامي المسيحي من وجهة نظر إسلامية على عدد من الأسس والمبادئ ، أبرزها:
- أن يكون مبنيا على المودة والحرية
فالحوار يكون بالحكمة والموعظة الحسنة وهذا الحوار ليس خِصاما ولا كبتا للحرية الدينية في التعبير والتفكير، ويبدو هذا الأساس جليا في القرآن الكريم في الآيتين الآتيين؛ وجادلهم بالتي هي أحسن،(13)، وادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة (14).
- الحوار عرض لا تبشير
الحوار عرضٌ سمحٌ لموقف المتحاورين، وليس الحوار تبشيرا لاصطياد الخصم، والتبشير هو نشر العقيدة بكل وسيلة لاقتناص المؤمنين، وإنما الحوار الصحيح عرض وردود لعقيدة الفريقين للتعارف والتفاهم ومن ثم للتقارب والاتحاد فى سبيل الله، حيث القاعدة القرآنية الشهيرة ((لا إكراه في الدين))، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الـ"لا" الواردة في الآية الكريمة تفيد النفي، ووجوب عدم إكراه من لم يُرد الدين الإسلامي الدخول فيه لأنه دين واضح جلي دلائله وبراهينه ولا يحتاج إلى الإكراه الذي لا يفيده ولا يفيد داخله مكرها.
- الحوار حديث إيمان واحترام لا تكفير
لقد عَلمنا الخطيب الشهير لاكوردير قاعدة الحوار الذهبية ((إني لا أقصد بالحوار إفهام محاوري بالخطأ، إنما أبغي الاتصال به في سبيل حقيقة أسمى، ويقابله لدى المسلمين قول الإمام الشافعي، "ماجادلت أحداً ، إلا تمنيت أن يظهر الله الحق على لسانه"
- الحوار يقتضي فهم الغير قبل الحكم عليه
إن أساس كل حوار صحيح ان نفهم غيرنا كما نريد ان يفهمنا غيرنا ولا نتسرع في الحكم عليه , فالحوار الصحيح يتطلب فهم الغير قبل الحكم عليه، حيث لا يصح ان نصدر حكمنا على محاورنا بالاستناد الى ما عندنا وحده، فقد يكون ما عنده صحيح كما نعتقد بصحة ما عندنا، والحقيقة تنشد الحقيقة
- الحوار الصحيح يجمع ولا يفرق
إن صحّت هذه القاعدة في كل حوار، فهي أصح ما تكون بين الاسلام والمسيحية، لأن الجامع الأساسي بينهما هو الايمان بالتوحيد المنزل، مهما تباين فيه التأويل، وسواء موجود في القرآن والإنجيل في مواضع لاتُحصى.
رابعا: الحوار مدخل بناء العقد الاجتماعي في سورية
أمّل السوريون بعد أن ورث بشار الأسد أباه لنظام الحكم والدولة والمجتمع والثروة والعلاقات الدولية أن يبادر بإصلاحٍ سياسيٍّ يُعيد الاعتبار للمجتمع كمصدر للشرعية، والبدء بخطوات توصل لعقد اجتماعي بالقدر الممكن بعد تجربة ممتدة من نصف قرن تقريباً من التهميش وإعلاء الطائفية السياسية في إدارة شؤون الدولة والمؤسسات.
غير أن حقيقة ما جرى لم يكن أكثر من الترويج للإصلاح الاقتصادي كمدخل لتحسين الحياة المجتمعية السورية، والذي تبين لاحقاً أنه سياق يخدم إعادة شرعنة المال العام المسروق تحت شعارات التحويل الاشتراكي وتحرير الأراضي السورية والعربية المحتلة وشعارات أخرى، وهو ما جعل للحراك الشعبي الذي انطلق مطلع العام 2011م أسبابه الموضوعية المتمثلة بالاستئثار بالسلطة والثروة لمصلحة بضع عائلات وشركائها، في حين المجتمع السوري متروك لتداعيات من النمو المتداعي غير المدروس الذي يتداخل فيه الداخل والخارج بشكل غير معروف وواضح، وعائلات شكّلت "مافيا" أدارت البلاد مستثمرة في الثقافة السائدة منذ عشرات السنين، ولَم تضع أي خطوة جدية لبناء طريق لحياة جديدة معاصرة.
كما عمل نظام الأسد "الابن والأب" أيضا بشكل كبير على بلورة مفهوم الدولة الرعوية الأبوية لسوريا، حيث تم تكريس مفاهيم المنحة والعطاء والسماح من ”الأب القائد” لأبنائه الرعايا الأولاد، واستثمر في سبيل ذلك الشعارات العابرة للحدود، والمُنكرة للوجود السوري الحالي وواقعه لمصلحة أطماعه ودوره الاقليمي، ولم يتم البدء بأي تجربة حقيقية يمكن البناء عليها من أجل العقد الاجتماعي لهؤلاء البشر الذين وُجدوا في الرقعة الجغرافية "سورية" ،ومن ثم الانطلاق لبناء دولة المواطنة،
أضف إلى ذلك أن الدستور عينه الذي يُعدّ التمظهر الأهم لبنى العقد الاجتماعي، ما كان إلا صيغة من التعليمات التنفيذية التي لا أساس مجتمعياً أطلقها، والأمر عينه ينطبق على الحياة السياسية والدينية... واستمر نظام الإدارة هذا عبر هذه الرؤية الأحادية في النظرة بدون عقد اجتماعي مشترك، في أحادية القرار المؤسس للحراك المجتمعي، بما فيه الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والديني …وما يَؤول بسبب ذلك إلى مركزية السلطة والثروة والاستحواذ على القرار… ، وهو أمر شكل إعاقة لإمكانية استمرار الدولة والمجتمع بهذا الشكل.
وعليه فإن ما تمر به سوريا ينبغي أن ينتج عنه تجربة إنسانية تؤسس لقطيعة مع الثقافة المجتمعية السائدة، وتنطلق الى تبني ثقافة تليق بالحياة المعاصرة، والتأسيس لعقد اجتماعي قائم على الشراكة في الحقوق والواجبات والمصالح والمنافع والمسؤولية وليس على الغلبة والقسر من أي نوع، في شكل الدولة وعلاقاتها مع المجتمع وعلاقات المجتمع السوري مع ذاته المتنوعة.
وبعيدا عن ذلك، فإن الأمر عينه سيتكرر مراراً عبر الاستثمار من قبل جميع الأطراف بثقافة العنف عينها التي تنتج حالات مختلفة تُعبَّر عن الخراب عينه المستمر منا وفينا، وذلك من خلال عدة خطوات يمكن إيجازها في الآتي:
- تفعيل ثقافة العقد الاجتماعي من خلال القانون، لترسيخها وتعزيزها وجعلها مشتركاً إنسانياً سورياً، يُؤسس لاحقاً لعقد اجتماعي يضمن بقاء الدولة وقيام المجتمع السوري المتجانس بالقدر الممكن للبقاء الحضاري.
- وضع الحدود التي يجب وقف تداخل الدين والسياسة مع بعضهما فيها، ومعرفة ما هي مساحة وحدود الدين التي تُعززه القيم الروحية ولا تمتطيه السياسة لفرض توجه أيديولوجي فئوي.
- تحديد الموقف غير المُوارب من حقوق الإنسان في مسائل عديدة ومن ضمنها الأحوال الشخصية في قضايا الزواج والطلاق والإرث وتعدد الزوجات ووضع المرأة وحقوق الطفل وعدم التعدي عليه من حيث تلقين القيم الأحادية الأيديولوجية الدينية أو الحزبية، واحترام الحيّز الشخصي والأمان واحترام الخصوصي.
- الدولة جهاز إداري خدمي وليس جهاز تبشيري أيديولوجي.
- إلغاء منطق الغَلَبة بمعناه التقليدي القائم على القسر والدحض الديني أو الاثني أو الأيديولوجي أو المناطقي وبدون مناخ قانوني في الطريق لبناء الدولة والعقد الاجتماعي (15).
وبناء عليه جاءت فكرة الحوار السوري - السوري كواقع عملي وتجريبي، جسده نخبة من السوريين، مؤلفة من حوالي /2000/ شخصية مثلت جميع مكونات المجتمع السوري، عبر منهج علمي محكم قام على أداتي مجموعات النقاش المُركَّز والاستبيان، وبإدارة سورية، توصلت وعلى مدار عامين من الزمن لصياغة أسس ومحددات عامة لعقد اجتماعي جديد يتوافق عليه السوريون.
وهذه المحددات العامة التي أخذت بعين الاعتبار كل المتغيرات البنيوية والحضارية يمكن أن تؤدي دورها المطلوب في تحقيق السلام وإحداث التغيير المطلوب في المجتمع السوري، خاصة وأنها عبرّت عن إجماع النخبة السورية ومن جميع الشرائح، شريطة دعمها من المنظومة الدولية الفاعلة التي يدور السوريون في فلكها(16).متخذة من أن الله خلق الإنسان قبل أن توجد هذه الهويّات التي تُستخدم في سبيل التفريق منطلقا أوليا لها.
خلاصة
يظهر مما سبق أن فكرة العقد الاجتماعي تدل على أنها مفهوم أو فلسفة عمل، وتشكل أداة مناسبة ومن خلال الحوار بين الدولة ومكوناتها من جانب، وبين المكونات المجتمعية فيما بينها من جانب آخر، لتصحيح العلاقة بين المجتمع والدولة وإعادة بناء النظام السياسي على أساس يجعل الحكومة خادماً للمجتمع لا سيداً له أو قاهراً فوقها، بصرف النظر عن الشروط التاريخية التي ظهر فيها والتعامل معه كنظرية قائمة بذاتها.
وبناء عليه فإن الغنى والقوة والحيوية الكامنة، التي تحدثت عنها هذه الورقة البحثية، في المجتمع السوري تحتاج إلى "كلمة سواء" تتمثل بعقد اجتماعي يضبط علاقة الدولة كجهاز إداري بالمجتمع السوري، وعلاقة هذا المجتمع المُفترض مع بعضه، بحد أدنى من التوافقات التي يمكن من خلالها وبها، البدء بعمل مُجدٍ ومثمر مع الوقت، للوصول بالسوريين إلى التغيير المطلوب والوحدة المنشودة في الهوية والجغرافية والسياسة.
المصادر والمراجع
- ينظر "الحوار البناء" لـ فيصل المالكي "مجموعة نون العلمية"، تاريخ 22-3-2015
- ينظر كتاب مهارات الاتصالات مع الأخير لحسين جلوب (2010)، مهارات الاتصال مع الآخرين - عمان-الاردن: دار كنوز المعرفة، صفحة: 22 ، بتصرف
- ينظر نفس المرجع رقم 1
- ينظر محاضرة حول أدب الحوار- صيد الفوائد- بتصرف من الكاتب http://www.saaid.net/mktarat/m/11.htm
- ينظر موقع موضوع – أهداف الحوار –كانون الثاني – 2016 http://cutt.us/1tSh0
- ينظر موقع قناة التواصل الاجتماعي – صفات المحاور http://cutt.us/niUNa
- ينظر ورقة الحوار السوري السوري "نحو أسس لعيش مشترك ومحددات العقد الاجتماعي" 2017- 2018.
- الحوار الديني ودوره في مواجهة التطرف الديني والإرهاب – تأليف .أ.د. محمد خليفة حسن https://goo.gl/X7WEO6
- إيلاف السياسة كمهنة، أو حكمة ماكس فيبر المستدامة – ترجمة عبد الإله مجيد https://bit.ly/2Jn0XR4
- بولس الخوري - المسيحية والإسلام في الحوار والتعاون http://cutt.us/WgT7W
- نفس المرجع رقم 8
- نفس المرجع رقم9
- سورة العنكبوت الآية 46
- سورة النحل الآية 125
- بحث "البنية الاجتماعية السورية والعقد الاجتماعي" بتصرف - موقع ميديا مونيتر – 01-05- 2018 https://bit.ly/2LQb0zN
- ورقة "نحو أسس لعيش مسترك ومحددات العقد الاجتماعي السوري"، الصادرة عن الحوار السوري السوري لعام 2018.
(للاطلاع على الدراسة كملف pdf يُرجى تحميل الملف المُرفق أسفل الصفحة)
---------------------------------------------------------------------------------------
الحقوق الفكرية محفوظة لصالح المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام © 2019