المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام
"الأطر القانونية للصحة النفسية وعلاج الإدمان: دراسة القوانين الدولية والمحلية"

"الأطر القانونية للصحة النفسية وعلاج الإدمان: دراسة القوانين الدولية والمحلية"

الأطر القانونية المتعلقة بالصحة النفسية وعلاج الإدمان:
دراسة حول القوانين الدولية والمحلية والحقوق والمسؤوليات

إعداد

  • د. محمد خير الوزير، سياسي وكاتب وباحث وأكاديمي سوري، دكتوراه في الشريعة والقانون متخرج في جامعة نوفي بازار- صربيا، وأستاذ مساعد لمادة أصول الفقه في جامعة المدينة العالمية (MEDIU) كولالمبور- ماليزيا. وعضو منظمة (Groupement Romand d'Études des Addictions-GREA) المتخصصة في دراسات حالات الإدمان في سويسرا.
  • فراس حاج يحيى محام سوري، حاصل على درجة الماجستير في القانون من كلية الحقوق بجامعة ليموج- فرنسا.
  • تحرير الأستاذ ياسر حسون، كاتب وباحث سوري.
     
ملخص تنفيذي

يتناول هذا البحث الأطر القانونية المتعلقة بالصحة النفسية وعلاج الإدمان في سوريا، حيث يركز على تحليل شامل للتشريعات المحلية ومقارنتها بالمعايير والقوانين الدولية. في ظل الظروف المعقدة التي شهدتها سوريا منذ اندلاع الثورة في عام 2011، برزت تحديات كبيرة تتعلق بتزايد حالات تعاطي المخدرات وانتشار الإدمان، مما دفع إلى ضرورة مراجعة وتحديث الأطر القانونية القائمة لمواجهة هذه التحديات بفعالية.

يستعرض البحث في بدايته الأطر القانونية الدولية التي تنظم الصحة النفسية وعلاج الإدمان، مثل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات لعام 1961، ويقارنها بالتشريعات السورية، خاصة القانون رقم 2 لعام 1993 لمكافحة المخدرات. تظهر المقارنة أن التشريعات السورية تركز بشكل كبير على الجانب العقابي في مكافحة المخدرات، مع إغفال جوانب هامة مثل الوقاية والعلاج وإعادة التأهيل، وهي جوانب تتبناها بعض التشريعات الدولية الأكثر تطورًا.

يبرز البحث أيضًا أهمية حقوق المرضى ومقدمي الرعاية الصحية في هذا السياق، حيث يشدد على ضرورة حماية هذه الحقوق وضمان حصول المرضى على الرعاية الصحية النفسية الملائمة دون تمييز. كما يتناول البحث التحديات التي تواجه مقدمي الرعاية الصحية، بما في ذلك ضعف البنية التحتية الصحية، نقص الموارد، وغياب الدعم النفسي والاجتماعي، مما يؤثر سلبًا على قدرتهم على تقديم رعاية فعالة.

وفيما يتعلق بالتحديات التنفيذية، يكشف البحث عن وجود فجوات قانونية وتنظيمية في النظام الصحي السوري تحول دون التطبيق الفعال للتشريعات المتعلقة بالصحة النفسية وعلاج الإدمان. يوصي البحث بضرورة تحديث هذه التشريعات لتصبح أكثر توافقًا مع المعايير الدولية، مع التركيز على تعزيز التدابير الوقائية والعلاجية، وإعادة بناء البنية التحتية الصحية التي تعرضت للدمار جراء النزاع.

كما يشدد البحث على أهمية التعاون الدولي ودور المجتمع المدني في دعم جهود الحكومة السورية لمواجهة هذه التحديات. ويبرز البحث ضرورة إشراك منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية في تقديم الدعم الفني والمالي لتطوير النظام الصحي السوري، خاصة في مجال الصحة النفسية وعلاج الإدمان.

ختامًا، يقدم البحث توصيات عملية لصناع القرار والمشرعين في سوريا تهدف إلى تطوير الأطر القانونية وتحسين آليات تنفيذها. تشمل هذه التوصيات تحديث التشريعات لتتوافق مع التطورات الحديثة في مجال الصحة النفسية وعلاج الإدمان، وزيادة التمويل والدعم الحكومي للبرامج الصحية، وتحسين البنية التحتية الصحية، وتعزيز التعاون الدولي والمجتمعي.

يهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على أهمية بناء نظام صحي متكامل وشامل في سوريا، قادر على مواجهة التحديات الراهنة وضمان حقوق المرضى ومقدمي الرعاية الصحية، مما يسهم في تحقيق مجتمع أكثر صحة واستقرارًا.

 

 

  1. مقدمة

تعد الصحة النفسية وعلاج الإدمان من أهم القضايا الصحية والاجتماعية التي تواجه المجتمعات الحديثة، حيث تؤثر بشكل مباشر على الأفراد وأسرهم والمجتمع بأسره. ومع تزايد الوعي بأهمية هذه القضايا، أصبحت الحاجة ملحة لتطوير أطر قانونية متكاملة تحمي حقوق الأفراد وتضمن توفير الرعاية الصحية اللازمة للمصابين بالإدمان أو أية باضطرابات نفسية أخرى. في هذا السياق، تبرز أهمية دراسة القوانين والتشريعات التي تنظم هذه المجالات، ليس فقط على المستوى المحلي فحسب، بل من منظور دولي أيضاً، بحيث يضمن الامتثال للمعايير والاتفاقيات الدولية.

1.1  خلفية البحث وأهميته :

في سوريا، ومع التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدتها البلاد منذ عام 2011، ظهرت تحديات جديدة في مجال الصحة النفسية وعلاج الإدمان، مما يستدعي مراجعة دقيقة للتشريعات المحلية وتقييم مدى توافقها مع المعايير الدولية. يعد هذا البحث محاولة لتقديم تحليل شامل للأطر القانونية التي تحكم الصحة النفسية وعلاج الإدمان في سوريا، مع التركيز على تحديد الفجوات القانونية والتحديات التنفيذية التي تحول دون توفير رعاية صحية فعالة ومتكاملة.

من خلال هذا البحث، نسعى إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية، من بينها: تحليل التشريعات الدولية والمحلية المتعلقة بالصحة النفسية وعلاج الإدمان، وتحديد حقوق المرضى والمعالجين وحمايتها، واستكشاف المسؤوليات القانونية لمقدمي الرعاية الصحية، بالإضافة إلى تقديم توصيات عملية لتحسين التشريعات وضمان تطبيقها بشكل فعّال. ستعتمد الدراسة على منهجية تحليلية مقارنة، تجمع بين دراسة التشريعات السورية والتشريعات الدولية، مع التركيز على التحديات التنفيذية والتوصيات اللازمة لتطوير الأطر القانونية في سوريا.

في ضوء ما سبق، يسعى هذا البحث إلى تقديم إسهام علمي في مجال القانون الصحي في سوريا، من خلال تقديم تحليل نقدي للأطر القانونية الحالية واقتراح سبل لتحسينها بما يتماشى مع المعايير الدولية ويحترم حقوق الإنسان.

  1. 2 أهداف البحث:
  تحليل الأطر القانونية الدولية والمحلية المتعلقة بالصحة النفسية وعلاج الإدمان :
  • فهم كيفية تنظيم التشريعات الدولية لحماية حقوق الأفراد في مجال الصحة النفسية وعلاج الإدمان.
  • تقييم مدى توافق التشريعات السورية مع المعايير الدولية في هذا المجال.
   تحديد وحماية حقوق وحريات المرضى والمعالجين في سياق الصحة النفسية وعلاج الإدمان :
  • استكشاف حقوق المرضى والمعالجين وفقًا للقوانين السورية والدولية.
  • تقييم مدى فعالية هذه الحقوق في حماية المرضى وضمان توفير الرعاية اللازمة.
  استكشاف المسؤوليات القانونية لمقدمي الرعاية الصحية في سوريا :
  • تحديد المسؤوليات القانونية لمقدمي الرعاية الصحية في علاج الإدمان وحماية الصحة النفسية.
  • دراسة التحديات التي تواجه مقدمي الرعاية في تنفيذ هذه المسؤوليات في سياق القوانين السورية.
تحليل التحديات القانونية والتنفيذية المتعلقة بتطبيق القوانين السورية الخاصة بالصحة النفسية وعلاج الإدمان :
  • الكشف عن التحديات التي تواجه تنفيذ القوانين المتعلقة بالصحة النفسية وعلاج الإدمان في سوريا.
  • تقديم توصيات لتحسين تطبيق القوانين وضمان حماية حقوق الأفراد المعنيين.
  1. 3 أسئلة البحث:

يحاول هذا البحث الإجابة على الأسئلة التالية:

  • كيف تتوافق الأطر القانونية السورية المتعلقة بالصحة النفسية وعلاج الإدمان مع المعايير الدولية؟
    • ما هي الفجوات الموجودة بين التشريعات السورية والمعايير الدولية؟
    • كيف يمكن تحسين التشريعات السورية لتتوافق بشكل أفضل مع الاتفاقيات الدولية؟
  • ما هي حقوق المرضى والمعالجين وفقًا للتشريعات السورية والدولية في مجال الصحة النفسية وعلاج الإدمان؟
    • كيف يتم حماية هذه الحقوق في السياق السوري؟
    • ما هي التحديات التي تواجه حماية هذه الحقوق؟
  • ما هي المسؤوليات القانونية لمقدمي الرعاية الصحية في سوريا فيما يتعلق بالصحة النفسية وعلاج الإدمان؟
    • كيف يمكن لمقدمي الرعاية الصحية تحقيق التوازن بين حقوق المرضى ومتطلبات القوانين؟
    • ما هي التحديات التي يواجهها مقدمو الرعاية في تطبيق هذه المسؤوليات؟
  • ما هي التحديات القانونية والتنفيذية التي تواجه تطبيق القوانين المتعلقة بالصحة النفسية وعلاج الإدمان في سوريا؟
    • كيف تؤثر هذه التحديات على فعالية تطبيق القوانين؟
    • ما هي الحلول الممكنة لتحسين تطبيق القوانين وضمان حماية حقوق الأفراد؟
  1. 4 المنهجية: يعتمد هذا البحث على منهجية تحليلية مقارنة تهدف إلى استكشاف وتحليل الأطر القانونية المتعلقة بالصحة النفسية وعلاج الإدمان في سوريا، مع مقارنة هذه التشريعات بالمعايير الدولية. ستشمل المنهجية الخطوات التالية:
  • المنهج التحليلي: سيتم جمع وتحليل نصوص القوانين السورية المتعلقة بالصحة النفسية وعلاج الإدمان، إضافةً إلى دراسة الأدبيات القانونية والتقارير الدولية ذات الصلة. ويهدف هذا التحليل إلى فهم كيف تنظم التشريعات السورية هذه القضايا ومدى توافقها مع المبادئ الدولية.
  • المنهج المقارن: إجراء مقارنة بين التشريعات السورية والتشريعات الدولية لتحديد أوجه التشابه والاختلاف، مع التركيز على حقوق المرضى والمعالجين، وكذلك مسؤوليات مقدمي الرعاية الصحية. تهدف هذه المقارنة إلى تحديد الفجوات القانونية والتحديات التنفيذية في سوريا.

 

  • المنهج النقدي: تقديم تقييم نقدي لتطبيق التشريعات السورية على أرض الواقع، مع دراسة التحديات التي تواجه تنفيذها في ظل الظروف القانونية والسياسية الراهنة. يشمل هذا النقد فحصًا للعوائق التي تعترض تحقيق المعايير الدولية في التشريعات المحلية.
  • المنهج الاستنتاجي: صياغة استنتاجات مبنية على التحليل والمقارنات التي أجريت في البحث، مع تقديم توصيات عملية لتحسين التشريعات السورية بما يتماشى مع المعايير الدولية، وضمان حماية حقوق الأفراد وتوفير الرعاية الصحية اللازمة.

إن هذه المنهجية تجمع بين التحليل القانوني والمقارنة النقدية لتقديم رؤية شاملة حول الأطر القانونية في سوريا، واقتراح سبل تحسينها، بما يسهم في تعزيز حقوق الإنسان، وتحقيق العدالة في مجال الصحة النفسية وعلاج الإدمان.

  1. 2. المفاهيم الأساسية
  2. 1 الصحة النفسية:

الصحة النفسية تُعرّف بأنها حالة من الرفاهية النفسية التي يستطيع فيها الفرد تحقيق إمكاناته، والتعامل مع ضغوط الحياة اليومية، والعمل بشكل منتج، والمساهمة في مجتمعه. يشمل مفهوم الصحة النفسية جوانب متعددة تتعلق بالحالة العاطفية، والاجتماعية، والمعرفية، وهي لا تعني فقط غياب الاضطرابات النفسية، ولكن أيضاً وجود التوازن النفسي والسلوكي (World Health Organization, 2018[1])  حيث تعتبر الصحة النفسية مكونًا أساسيًا في الصحة العامة وتؤثر بشكل كبير على جودة حياة الأفراد والمجتمعات.

2.2 الإدمان:

الإدمان يُعرّف على أنه حالة معقدة تتميز بالبحث المستمر عن المواد المخدرة أو ممارسة سلوكيات معينة بالرغم من العواقب السلبية المرتبطة بها. يتم تصنيف الإدمان بشكل عام إلى نوعين: الإدمان على المواد مثل المخدرات والكحول، والإدمان السلوكي مثل القمار وإدمان الإنترنت. يُعتبر الإدمان اضطرابًا يؤثر على الدماغ ويتسبب في تغييرات في الوظائف الإدراكية والتحفيزية، مما يجعل الفرد يشعر بحاجة ملحة لاستخدام المادة المخدرة أو ممارسة السلوك المدمن (American Psychiatric Association, 2013[2]).

 إن تأثير الإدمان يمتد ليشمل الصحة النفسية، حيث يؤدي إلى زيادة معدلات الاكتئاب، والقلق واضطرابات أخرى.

  1. 3 العلاقة بين الصحة النفسية والإدمان:

هناك ترابط وثيق بين الصحة النفسية والإدمان، حيث غالباً ما تتواجد الاضطرابات النفسية والإدمان معًا. يعاني الأشخاص الذين لديهم اضطرابات نفسية من خطر متزايد للإدمان، والعكس صحيح. يعود هذا الارتباط إلى عدة عوامل، منها محاولة الأفراد المصابين باضطرابات نفسية تخفيف أعراضهم عبر استخدام المواد المخدرة أو الانخراط في سلوكيات إدمانية (National Institute on Drug Abuse, 2020[3]).

وعلاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي الإدمان إلى تفاقم الاضطرابات النفسية الموجودة، أو يؤدي إلى ظهور اضطرابات جديدة، مما يستدعي معالجة متكاملة تأخذ في الاعتبار كلا الجانبين لتحقيق نتائج فعالة في العلاج (Smith et al., 2016[4]).

3. الأطر القانونية الدولية والمحلية

3 .1. الاتفاقيات والمعاهدات الدولية

تُعتبر الاتفاقيات والمعاهدات الدولية من الدعائم الأساسية لتنظيم الصحة النفسية وعلاج الإدمان على المستوى العالمي. هذه الاتفاقيات تضع معايير ملزمة للدول الأعضاء لضمان تقديم الرعاية الصحية المناسبة ومعالجة الإدمان بفعالية.

  • العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (ICESCR) لعام 1966 هو واحد من المعاهدات الرئيسية التي تلزم الدول بحماية وتعزيز حق الأفراد في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية. ينص العهد في المادة 12 على أن الدول الأطراف يجب أن تتخذ تدابير فعالة لمنع ومعالجة الأمراض النفسية وتوفير الرعاية الصحية اللازمة للأشخاص الذين يعانون من الإدمان (United Nations, 1966).
  • تعد اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD) لعام 2006[5] من الاتفاقيات الأساسية التي تركز على حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقات النفسية، بما في ذلك حقوقهم في الحصول على الرعاية الصحية بدون تمييز. تلزم هذه الاتفاقية الدول الأعضاء بتوفير خدمات صحية متكاملة وشاملة للأشخاص ذوي الإعاقة النفسية، بما في ذلك علاج الإدمان، وضمان حصولهم على هذه الخدمات بكرامة واحترام (United Nations, 2006).
  • من بين أهم المعاهدات المتعلقة بمكافحة المخدرات، نجد الاتفاقية الوحيدة للمخدرات ذات المواد المخدرة لعام 1961 (Single Convention on Narcotic Drugs, 1961)[6]. تهدف هذه الاتفاقية إلى تنظيم ومراقبة إنتاج وتوزيع المواد المخدرة لأغراض طبية وعلمية فقط، وتمنع استخدامها لغير هذه الأغراض. بالإضافة إلى ذلك، تفرض الاتفاقية على الدول الأعضاء تطوير وتنفيذ برامج علاجية وتأهيلية للمدمنين، بهدف مساعدتهم على التعافي وإعادة الاندماج في المجتمع (United Nations, 1961). هذه الاتفاقية تعتبر من الركائز القانونية الأساسية في مكافحة إساءة استخدام المخدرات على مستوى العالم.
  • إعلان روتردام حول الصحة النفسية وحقوق الإنسان لعام[7] 2011، إلى جانب هذه المعاهدات، يعتبر إعلان روتردام حول الصحة النفسية وحقوق الإنسان لعام 2011 مرجعاً هاماً في تعزيز حقوق الإنسان للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية، بما في ذلك المدمنين.

ويسلط الإعلان الضوء على أهمية تطوير سياسات وطنية تضمن الوصول إلى الرعاية الصحية النفسية اللازمة وتعزز من حقوق الأفراد المصابين باضطرابات نفسية (World Health Organization, 2011).

3. 2. التزامات الدول بموجب القانون الدولي:

بموجب القانون الدولي، تلتزم الدول الأعضاء في المعاهدات والاتفاقيات الدولية بتوفير الرعاية الصحية النفسية المناسبة ومعالجة فعّالة للإدمان. هذه الالتزامات تفرض على الدول تطوير سياسات وبرامج وطنية تهدف إلى حماية حقوق الإنسان وضمان وصول الأفراد إلى الرعاية الصحية بشكل عادل ومنصف.

  • العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (ICESCR): يلزم الدول الأطراف بتطوير برامج وقائية وعلاجية لمكافحة الأمراض النفسية والإدمان. المادة 12 من هذا العهد توضح أن الدول ملزمة باتخاذ خطوات فعالة لتحسين الصحة العامة، بما في ذلك تقديم خدمات الصحة النفسية وعلاج الإدمان بشكل شامل (United Nations, 1966[8]) .
  • اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD): تُلزم الدول الأعضاء بتوفير الرعاية الصحية للأشخاص ذوي الإعاقات النفسية، بما في ذلك المدمنين، وضمان عدم تعرضهم للتمييز في الحصول على الخدمات الصحية. تفرض الاتفاقية على الدول تطوير سياسات وطنية تضمن حصول الأفراد على الرعاية الصحية اللازمة بكرامة واحترام(United Nations, 2006[9]) .
  • أما الاتفاقية الوحيدة بشأن المخدرات 1961، فتُعتبر أداة قانونية دولية هامة لمكافحة إساءة استخدام المخدرات. تفرض هذه الاتفاقية على الدول الأعضاء تنظيم إنتاج وتوزيع المواد المخدرة لأغراض طبية وعلمية فقط، كما تلزم الدول بتقديم الدعم اللازم لعلاج المدمنين من خلال برامج علاجية وتأهيلية تهدف إلى مساعدتهم على التعافي والاندماج في المجتمع (United Nations, 1961).
  1. الأطر القانونية المحلية
  2. 1. التشريعات السورية:

تشكل التشريعات السورية المتعلقة بالصحة النفسية والمخدرات وعلاج الإدمان جزءًا أساسيًا من النظام القانوني في سوريا، حيث تهدف إلى تنظيم استخدام المواد المخدرة ومكافحة الاتجار غير المشروع بها، بالإضافة إلى تقديم الرعاية الصحية للمدمنين. يعد القانون رقم 2 لعام [10]1993 المعروف بقانون مكافحة المخدرات أحد أهم التشريعات في هذا المجال، وقد جاء ليحل محل قانون المخدرات الذي كان معمولًا به منذ عام 1960. لقد تم تصميم هذا القانون للتعامل مع تزايد معدلات استخدام المخدرات والاتجار بها في سوريا، وقد أتى بتشديد العقوبات على الجرائم المتعلقة بالمخدرات، مع الاعتراف في الوقت ذاته بأن المدمنين هم أشخاص بحاجة إلى العلاج وليس مجرد مجرمين يجب معاقبتهم: وبتحليل لهذا القوانين نلحظ النقاط التالية[11]:

  • تعريف المدمن ونطاق التشريع:

أحد الجوانب التي لم يتم تناولها بشكل كافٍ في القانون السوري هو تعريف المدمن. على الرغم من أن القانون يقدم تعريفًا شاملاً للمخدرات، إلا أنه لا يقدم تعريفًا دقيقًا لمفهوم الإدمان أو المدمن، ويُترك هذا الأمر للتفسير الطبي والاجتماعي. وهذا قد يؤدي إلى تباين في كيفية تطبيق القانون بناءً على التفسيرات المختلفة لهذه المفاهيم.

  • هيكلية اللجان المختصة بالإشراف على المدمنين:

لتنظيم التعامل مع المدمنين وتقديم الرعاية الصحية لهم، أنشأ القانون السوري لجانًا متخصصة تشرف على عملية علاج المدمنين في المصحات. تتألف هذه اللجان من ممثلين عن وزارات الداخلية، العدل، والصحة، إلى جانب طبيب مختص. مهمة هذه اللجان هي مراقبة المدمنين المودَعين في المصحات وضمان تلقيهم العلاج المناسب. إلا أن فعالية هذه اللجان قد تكون محدودة بسبب نقص الموارد البشرية والمادية اللازمة للقيام بمهامها بشكل كامل.

  • طرق الإحالة إلى المصحات للعلاج وإجراءات التنفيذ:

ينص القانون السوري على نوعين من الإيداع في المصحات: الإيداع القضائي والإيداع التلقائي. الإيداع القضائي يتم بموجب حكم قضائي بعد إثبات حالة الإدمان، حيث يُلزِم المدمن بتلقي العلاج كجزء من العقوبة. أما الإيداع التلقائي، فيسمح للمدمن أو لأقاربه حتى الدرجة الثانية بطلب إدخاله إلى المصحة للعلاج قبل تحريك دعوى قضائية ضده.

  • وضع القاصرين في التشريعات المتعلقة بالمخدرات:

يتطرق القانون السوري أيضًا إلى وضع القاصرين في سياق المخدرات والإدمان، حيث يعتبر وضعهم حساسًا بشكل خاص. يُنظر إلى القاصرين على أنهم فئة ضعيفة تحتاج إلى حماية خاصة، ويجب أن تكون التدابير القانونية تجاههم مختلفة عن تلك الموجهة للبالغين.

في حالة تورط قاصر في تعاطي المخدرات أو الإدمان، يميل القانون السوري إلى اعتماد نهج وقائي وعلاجي بدلاً من نهج عقابي. يُسمح للقاصرين بالإيداع في المصحات للعلاج من خلال تدخل قضائي أو بطلب من ولي الأمر أو الأقارب. ويشدد القانون على ضرورة التعامل مع القاصرين كمحتاجين للعناية والرعاية الصحية وليس كجناة، مع توفير الحماية لهم من التأثيرات السلبية للمخدرات ومن المتاجرين بها.

فالقانون رقم 2 لعام 1993 لمكافحة المخدرات يتضمن عقوبات مشددة في بعض الحالات، ومنها عندما تكون الجرائم المرتكبة متعلقة بترويج المخدرات أو بيعها لشخص غير بالغ. يستند هذا النهج إلى الاعتراف بأن القاصرين معرضون بشكل خاص لخطر الوقوع في إدمان المخدرات، وأن استهدافهم بهذه الأنشطة غير القانونية يشكل تهديدًا كبيرًا لصحتهم النفسية والجسدية، وكذلك للمجتمع ككل. المادة 39 من القانون رقم 2 لعام 1993[12]: تنص هذه المادة على عقوبات مشددة لكل من يروج أو يبيع المخدرات لشخص غير بالغ. يُنظر إلى هذه الجريمة على أنها أكثر خطورة بسبب استغلال ضعف القاصر وعدم نضجه الكافي لإدراك مخاطر المخدرات. وبالتالي، فإن العقوبة قد تتضمن السجن لمدد طويلة، بالإضافة إلى غرامات مالية كبيرة.

  • التعامل مع المدمنين والتمييز بينهم وبين المتعاطين:

على الرغم من أن القانون يعترف بأن المدمنين بحاجة إلى علاج وليس إلى عقاب، إلا أن هناك نقصًا في التفرقة الواضحة بين المدمنين والمتعاطين. المادة 43/أ من القانون تعاقب على حيازة المخدرات أو نقلها أو استخدامها دون تفريق بين الاستخدام الشخصي أو التجاري، مما يؤدي إلى تطبيق العقوبات على المدمنين والمتعاطين بشكل متساوٍ، دون مراعاة لظروف كل حالة.

4. 2. مقارنة مع التشريعات الدولية: للقيام بمقارنة فعالة بين القوانين السورية المتعلقة بالمخدرات والتشريعات الدولية، سنركز على نقاط التشابه والاختلاف من حيث النهج المتبع، العقوبات المفروضة، والتدابير العلاجية، مع الإشارة إلى أمثلة من التشريعات الدولية التي تتوافق أو تختلف مع القانون السوري.

  • النهج العام في التعامل مع المخدرات:

في القانون السوري، وبالأخص القانون رقم 2 لعام 1993، يتم التركيز بشكل أساسي على مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات وفرض عقوبات صارمة على الجناة.

وهذا النهج يعكس موقفًا صارمًا مشابهًا لما نجده في العديد من التشريعات الدولية، مثل قانون المخدرات الأمريكي(Controlled Substances Act - CSA) [13]، الذي يفرض عقوبات شديدة على الاتجار بالمخدرات وتصنيفها حسب خطورتها.

على الجانب الآخر، هناك تشريعات دولية تتبنى نهجًا أكثر توازنًا بين العقوبات والتدابير العلاجية. على سبيل المثال، القانون البرتغالي لمكافحة المخدرات(2001) [14]، يتبنى نهجًا يركز على إعادة التأهيل بدلاً من العقاب فقط. فقد تم إلغاء تجريم الحيازة الشخصية لكميات صغيرة من المخدرات في البرتغال، مع التركيز على تقديم الدعم الطبي والنفسي للمدمنين بدلاً من سجنهم. في المقارنة، يظل القانون السوري أكثر تركيزًا على العقاب، رغم وجود نصوص تتعلق بإعادة التأهيل.

  • العقوبات المفروضة:

كما هو الحال في العديد من القوانين الدولية، يفرض القانون السوري عقوبات صارمة على الجرائم المتعلقة بالمخدرات. المادة 43 من القانون السوري تنص على عقوبات قاسية تشمل السجن والغرامات، مع تشديد إضافي في حالات الاتجار بالمخدرات مع القاصرين، مما يتوافق مع توجهات دولية مماثلة.

في المقارنة، نجد أن التشريعات مثل القانون السويدي لمكافحة المخدرات[15] تميل أيضًا إلى فرض عقوبات صارمة، ولكن مع وجود مرونة في التعامل مع حالات الإدمان كقضايا صحية بدلاً من قضايا جنائية. السويد، على سبيل المثال، تقدم برامج علاجية للمدمنين كجزء من العقوبة، وتتيح للمحاكم تخفيف العقوبة إذا التزم الشخص ببرنامج علاجي.

  • التدابير العلاجية والوقائية:

التشريعات السورية تقدم بعض التدابير العلاجية، مثل إمكانية إحالة المدمنين إلى المصحات للعلاج بدلاً من السجن. ومع ذلك، فإن هذه التدابير ليست بنفس الشمولية والوضوح الموجود في بعض الأنظمة القانونية الأخرى. في هولندا[16]، يتم تقديم برامج علاجية متكاملة للمدمنين مع تركيز قوي على الوقاية وإعادة التأهيل، وتشجيع المدمنين على الانخراط في هذه البرامج دون خوف من العقوبات الجنائية.

على الجانب الآخر، تقدم التشريعات البريطانية[17] نهجًا مزدوجًا يتضمن العقوبات الشديدة على الاتجار بالمخدرات من جهة، وتوفير خيارات العلاج الإجباري للمدمنين الذين يتم اعتقالهم، مما يعكس توازنًا بين الردع والعلاج.

  • حقوق الإنسان ومعايير العدالة:

من حيث حقوق الإنسان، تلتزم العديد من التشريعات الدولية بالمعايير المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات لعام 1961، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي تحث على معاملة المدمنين بشكل يحترم حقوقهم الأساسية، بما في ذلك حقهم في الحصول على العلاج والرعاية الصحية.

في المقارنة، ينقص القانون السوري بعض هذه الضمانات، خاصة فيما يتعلق بالمدمنين والقاصرين. رغم وجود نصوص تتيح العلاج بدلاً من السجن، فإن التطبيق العملي لهذه النصوص قد لا يتماشى دائمًا مع المعايير الدولية التي تؤكد على الحقوق الإنسانية الأساسية.

  1. 3. تطوير التشريعات المحلية في ظل الوضع السوري المعقد بعد 2011:

الوضع السوري المعقد بعد عام 2011 يتطلب نهجًا جديدًا وشاملًا في التعامل مع مشكلة المخدرات.

  • الحاجة إلى قانون جديد وعصري:

في ظل التطورات الكبيرة التي شهدتها سوريا بعد عام 2011، بات من الضروري وضع قانون جديد لمكافحة المخدرات يتماشى مع الواقع الحالي. الثورة السورية وما تلاها من نزاع مسلح أدى إلى تفكك البنية التحتية الصحية، وازدياد تهريب المخدرات والاتجار بها، وانتشار تعاطيها بين مختلف الفئات الاجتماعية، بما في ذلك الشباب والقاصرين. هذه التحولات تعني أن القانون رقم 2 لعام 1993 لم يعد كافيًا لمواجهة هذه التحديات المتصاعدة.

الحاجة ملحة لقانون عصري يأخذ بعين الاعتبار:

  • تعزيز التدابير الوقائية والعلاجية: ينبغي أن يتضمن القانون الجديد بنودًا صريحة لتعزيز الوقاية من تعاطي المخدرات وتوسيع نطاق الخدمات العلاجية، مع التركيز على دعم الفئات الأكثر عرضة مثل الشباب والقاصرين.
  • مكافحة التهريب والاتجار الدولي: مع تزايد التهريب عبر الحدود، يجب أن يركز القانون الجديد على تشديد العقوبات على التهريب والاتجار بالمخدرات، مع تعزيز التعاون الدولي لمكافحة هذه الجرائم عبر الحدود.
  • دعم ضحايا النزاع: يجب أن يتضمن القانون تدابير خاصة لدعم ضحايا النزاع المسلح الذين قد يكونون قد وقعوا ضحية لتعاطي المخدرات أو استغلالهم في الاتجار بها.
  • تعزيز التدابير العلاجية والوقائية في السياق السوري:

أدى النزاع في سوريا إلى تزايد في أعداد الأشخاص الذين يعانون من مشكلات نفسية وصحية، مما يجعلهم أكثر عرضة لتعاطي المخدرات. القانون الجديد يجب أن يتبنى نهجًا متكاملاً للعلاج وإعادة التأهيل، مستفيدًا من التجارب الدولية مثل النموذج البرتغالي[18] الذي يركز على تقديم العلاج بدلاً من العقاب. ويمكن أن يشمل ذلك:

  • إنشاء مراكز إعادة تأهيل جديدة: يجب أن يشمل القانون الجديد خطة لإنشاء مراكز إعادة تأهيل في المناطق المتضررة من النزاع، مع توفير الدعم النفسي والاجتماعي للمدمنين.
  • برامج توعية مجتمعية: ينبغي تعزيز برامج التوعية المجتمعية حول مخاطر المخدرات، خاصة في المناطق التي شهدت نزاعًا وتفككًا اجتماعيًا.
  • وضع تعريف دقيق للمدمن والإدمان في السياق السوري:

تعريف المدمن والإدمان أصبح أكثر أهمية في ظل الظروف المتغيرة في سوريا. مع تنامي أعداد المتعاطين وانتشار أنواع جديدة من المخدرات، يجب أن يتضمن القانون الجديد تعريفات دقيقة تأخذ في الاعتبار السياق السوري الخاص. هذه التعريفات يمكن أن تستند إلى المعايير الدولية[19] مع تكييفها لتناسب الوضع المحلي، مما يساعد في توحيد معايير تطبيق القانون وتقليل التفسيرات المتفاوتة.

  • حماية حقوق الإنسان وضمان الوصول إلى العلاج في ظروف النزاع:

في ظل النزاع المسلح، تصبح حماية حقوق الإنسان أكثر أهمية[20] ، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يقعون ضحية للإدمان بسبب الظروف القاسية. القانون الجديد يجب أن يضمن:

  • حق الجميع في الوصول إلى العلاج: بغض النظر عن خلفياتهم أو مواقفهم في النزاع، يجب أن يتمكن جميع الأشخاص في سوريا من الوصول إلى العلاج والرعاية الصحية اللازمة.
  • حماية القاصرين من الاستغلال: مع تزايد استهداف القاصرين من قبل تجار المخدرات، يجب أن يتضمن القانون عقوبات مشددة على أولئك الذين يستغلون الأطفال والشباب في تجارة المخدرات.
  • تحسين البنية التحتية للعلاج وإعادة التأهيل في ظل الأزمة الحالية:

البنية التحتية الصحية تضررت بشكل كبير بسبب النزاع[21] لذلك، يجب أن يتضمن القانون الجديد خطة شاملة لإعادة بناء هذه البنية، بما في ذلك:

  • إعادة تأهيل المرافق الصحية: يجب ترميم وتحديث المرافق الصحية التي تدمرت، وتزويدها بالكادر الطبي المدرب لعلاج الإدمان.
  • دعم المجتمعات المحلية: ينبغي إشراك المجتمعات المحلية في جهود إعادة التأهيل، مع توفير الدعم اللازم لهم للمشاركة الفعالة في هذه الجهود.
  • تعزيز التعاون الدولي لمواجهة التحديات الجديدة:

طول مدة النزاع السوري فتح الباب أمام تحديات جديدة تتعلق بالتهريب الدولي للمخدرات. التعاون الدولي أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى، ويجب أن يتضمن القانون الجديد:

  • اتفاقيات جديدة لمكافحة التهريب: تعزيز التعاون مع الدول المجاورة والمنظمات الدولية لمكافحة تهريب المخدرات عبر الحدود السورية.
  • الاستفادة من الخبرات الدولية: يمكن لسوريا الاستفادة من التجارب الدولية في إعادة بناء البنية التحتية الصحية وتطوير برامج مكافحة الإدمان.
  1. الحقوق والحريات
  2. 1. حقوق المرضى: تحليل حقوق المرضى في الحصول على الرعاية الصحية النفسية وعلاج الإدمان:

تعتبر حقوق المرضى في الحصول على الرعاية الصحية النفسية وعلاج الإدمان من أهم الحقوق التي يجب أن تكفلها التشريعات والقوانين، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها سوريا بعد عام 2011. تزداد أهمية هذه الحقوق في سياق انتشار تعاطي المخدرات بين فئات المجتمع المختلفة، بما في ذلك الفئات الهشة مثل الشباب والقاصرين.

  • الحق في الحصول على الرعاية الصحية:

من المبادئ الأساسية في القانون الدولي لحقوق الإنسان أن لكل فرد الحق في الحصول على الرعاية الصحية الملائمة[22]. يتضمن هذا الحق الوصول إلى الخدمات الصحية اللازمة لعلاج الأمراض النفسية والإدمان دون تمييز. في السياق السوري، يجب أن يضمن القانون الحق في الوصول إلى هذه الخدمات حتى في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.

  • الحق في الحصول على العلاج المناسب:

يجب أن يتضمن القانون السوري حق المرضى في الحصول على العلاج المناسب لحالتهم، بما في ذلك العلاج النفسي والعلاج من الإدمان[23]. يشمل هذا الحق تقديم الرعاية الصحية التي تتماشى مع المعايير الطبية الدولية، وضمان توفر الأدوية والعلاجات الضرورية. في ظل النزاع القائم، قد يكون من الضروري تعديل التشريعات لضمان توفر هذه الخدمات بشكل فعال في جميع أنحاء البلاد.

  • الحق في الموافقة المستنيرة:

يجب أن يكون للمرضى الحق في الموافقة المستنيرة على العلاج الذي يتلقونه[24]. هذا يعني أن يتم إبلاغ المرضى بشكل كامل عن طبيعة العلاج، والمخاطر والفوائد المحتملة، والبدائل المتاحة. يجب أن يضمن القانون السوري احترام هذه الحقوق، وأن يتم حماية المرضى من أي شكل من أشكال الإكراه أو الاستغلال.

  • حماية الخصوصية والسرية:

حق المرضى في الحفاظ على خصوصية وسرية معلوماتهم الطبية هو جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان[25]. يجب أن يضمن القانون السوري حماية هذه الحقوق، خاصة في ظل الاضطرابات التي قد تؤدي إلى استغلال أو انتهاك خصوصية المرضى. الحفاظ على سرية المعلومات الطبية ضروري لبناء الثقة بين المرضى ومقدمي الرعاية الصحية.

  • الحق في الحصول على المساعدة القانونية:

يجب أن يكون للمرضى الذين يتعرضون لانتهاكات لحقوقهم الصحية الحق في الوصول إلى المساعدة القانونية[26]. يتطلب ذلك توفير قنوات قانونية تتيح للمرضى تقديم شكاوى ومتابعة حالاتهم أمام السلطات القضائية. في الحالة السورية، قد يكون من الضروري تعزيز الإطار القانوني لضمان أن يتمكن المرضى من الوصول إلى العدالة، خاصة في ظل تدهور النظام القضائي نتيجة النزاع.

5.2.  حقوق مقدمي الرعاية: دراسة الحقوق القانونية لمقدمي الرعاية في هذا المجال:

مقدمو الرعاية الصحية يلعبون دورًا حيويًا في النظام الصحي، وخاصة في مجال علاج الإدمان والصحة النفسية. يشملون مجموعة متنوعة من المهنيين الذين يعملون معًا لتقديم الرعاية والدعم للأفراد الذين يعانون من مشكلات نفسية أو إدمانية.  وأهم مقدمي الرعاية في هذا المجال هم:

الأطباء النفسيون (Psychiatrists) - علماء النفس (Psychologists) - الممرضون النفسيون (Psychiatric Nurses)  - الأخصائيون الاجتماعيون  (Social Workers)ـ المستشارون في الإدمان- (Addiction Counselors)   معالجو الإدمان (Addiction Therapists) - المستشارون الروحيون (Spiritual Counselors)  - المعالجون المهنيون (Occupational Therapists) - أطباء الرعاية الأولي(Primary Care Physicians)    -مقدمو الرعاية غير الرسميين (Informal Caregivers) ويشملون أفراد الأسرة أو الأصدقاء الذين يقدمون الدعم والرعاية للمرضى النفسيين والمدمنين خارج نطاق الرعاية الطبية الرسمية.

 تتطلب طبيعة عملهم في هذا المجال تأمين حقوقهم بشكل كامل لضمان تقديم أفضل رعاية ممكنة للمرضى، ولحمايتهم من المخاطر القانونية والمهنية التي قد يواجهونها. في السياق السوري، وبخاصة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، يصبح من الضروري التركيز على حماية هؤلاء العاملين من خلال التشريعات المناسبة.

  • الحق في بيئة عمل آمنة:

أحد الحقوق الأساسية لمقدمي الرعاية هو الحق في العمل في بيئة آمنة[27]. في مجال علاج الإدمان، قد يواجه مقدمو الرعاية مخاطر عالية تتعلق بالعنف من قبل المرضى أو أقاربهم، خاصة في ظل النزاعات التي قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع. يجب أن تضمن التشريعات السورية توفير الحماية اللازمة لمقدمي الرعاية من خلال توفير بيئة عمل آمنة ومراقبة فعالة للمنشآت الصحية.

  • الحق في الحماية القانونية:

يجب أن يتمتع مقدمو الرعاية بالحماية القانونية التي تضمن لهم حق الدفاع عن أنفسهم في حال تعرضهم لأي شكل من أشكال الإساءة أو الاتهامات الباطلة خلال ممارستهم لعملهم. في السياق السوري، حيث قد يتعرض مقدمو الرعاية لضغوطات كبيرة، يصبح من الضروري أن يكفل القانون حمايتهم من المساءلة القانونية غير المبررة، مع توفير الدعم القانوني لهم في حال تعرضهم لأي دعاوى قضائية[28].

  • الحق في التدريب والتطوير المهني:

بما أن علاج الإدمان والصحة النفسية من المجالات التي تتطور باستمرار، فإن مقدمي الرعاية يحتاجون إلى الحصول على فرص مستمرة للتدريب والتطوير المهني[29]. هذا الحق يضمن أن يبقى مقدمو الرعاية على اطلاع بأحدث الممارسات الطبية والعلاجية، مما يساهم في تحسين جودة الرعاية المقدمة للمرضى. في سوريا، قد يكون من الضروري تعزيز البرامج التدريبية لمقدمي الرعاية في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.

  • الحق في المشاركة في صنع القرار:

من المهم أن يكون لمقدمي الرعاية دور في صنع القرار المتعلق بسياسات الصحة العامة، خاصة فيما يتعلق بمجال علاج الإدمان والصحة النفسية[30]. إشراك مقدمي الرعاية في هذا المستوى يضمن أن تكون السياسات الصحية فعالة وتعكس واقع التحديات التي يواجهونها في الميدان. يمكن للقانون السوري تعزيز هذا الحق من خلال إنشاء لجان استشارية تضم ممثلين عن مقدمي الرعاية.

  • الحق في الدعم النفسي والاجتماعي:

نظرًا للضغوط الكبيرة التي يتعرض لها مقدمو الرعاية في مجال علاج الإدمان والصحة النفسية، من الضروري أن يحصلوا على الدعم النفسي والاجتماعي[31] اللازم لمساعدتهم في التعامل مع تحديات العمل. يجب أن تضمن التشريعات السورية توفير هذا الدعم من خلال برامج مخصصة لمقدمي الرعاية، تساعدهم على التعامل مع ضغوط العمل وتجنب الإرهاق المهني.

6. المسؤوليات القانونية

تشمل المسؤوليات القانونية في مجال علاج الإدمان والصحة النفسية عدة أطراف رئيسية، بما في ذلك مقدمي الرعاية الصحية، الدولة، ومنظمات المجتمع المدني. كل طرف من هذه الأطراف يلعب دورًا حاسمًا في ضمان تقديم الرعاية الصحية النفسية بشكل فعّال ومنصف، مع التركيز على حماية حقوق المرضى وتحسين جودة الخدمات المقدمة.

6. 1. سؤوليات مقدمي الرعاية الصحية: تحليل المسؤوليات القانونية التي يتحملها مقدمو الرعاية الصحية في علاج الإدمان:

مقدمو الرعاية الصحية الذين يعملون في مجال علاج الإدمان يتحملون مجموعة من المسؤوليات القانونية التي تضمن توفير الرعاية الصحية وفقًا للمعايير الأخلاقية والمهنية. هذه المسؤوليات تكتسب أهمية خاصة في ظل الظروف المعقدة التي تمر بها سوريا، حيث يتعين على مقدمي الرعاية الالتزام بالعديد من المعايير القانونية لضمان حقوق المرضى وسلامة العلاج.

·       الالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية:

يجب على مقدمي الرعاية الصحية الالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية المعمول بها في مجال الطب النفسي وعلاج الإدمان[32]. يتضمن ذلك تقديم الرعاية المناسبة وفقًا لأحدث المعايير الطبية، واحترام حقوق المرضى بما في ذلك الحق في الحصول على العلاج المناسب، والحفاظ على السرية الطبية، والالتزام بمبدأ الموافقة المستنيرة.

·       واجب الإبلاغ عن المخاطر:

مقدمو الرعاية الصحية ملزمون قانونيًا بالإبلاغ عن أي مخاطر قد يتعرض لها المرضى أو المجتمع بسبب حالة المريض، مثل وجود خطر من العنف أو الانتحار[33]. هذا الواجب يتطلب تقييمًا دقيقًا لحالة المريض واتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية الأفراد والمجتمع.

·       مسؤولية التعامل مع الحالات الطارئة:

في حالات الطوارئ، مثل تعاطي جرعات زائدة من المخدرات، يجب على مقدمي الرعاية الصحية اتخاذ الإجراءات الفورية اللازمة لإنقاذ حياة المريض، وذلك قد يشمل تقديم العناية الطبية العاجلة أو نقل المريض إلى منشأة متخصصة[34].

·       مسؤولية الإشراف على العلاج وإدارته:

يجب على مقدمي الرعاية الصحية إدارة وإشراف خطط العلاج بشكل مستمر لضمان فعالية العلاج وتحقيق أفضل النتائج الممكنة[35]. هذه المسؤولية تشمل تعديل العلاج بناءً على تطور حالة المريض والتأكد من أن العلاج يتماشى مع احتياجات المريض الفردية.

6. 2. مسؤوليات الدولة: دراسة المسؤوليات القانونية للدولة في ضمان توفير الرعاية الصحية النفسية وعلاج الإدمان

الدولة تتحمل مسؤولية كبيرة في ضمان حصول جميع المواطنين على الرعاية الصحية النفسية وعلاج الإدمان بشكل عادل وفعال. في سوريا، تتزايد أهمية هذه المسؤوليات في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد وفي ظل وجود أكثر من سلطة أمر واقع موزعة على الجغرافية السورية، و لكن يمكننا ذكر هذه المسؤوليات على افتراض أن كل سلطة من هذه السلطات تعتبر نفسها الدولة في البقعة الجغرافية التي تحكمها:

·       توفير البنية التحتية الصحية:

تقع على عاتق الدولة مسؤولية إنشاء وتطوير البنية التحتية اللازمة لتوفير الرعاية الصحية النفسية وعلاج الإدمان، بما في ذلك المستشفيات، مراكز إعادة التأهيل، والعيادات المجتمعية. يجب على الدولة التأكد من أن هذه المرافق موزعة بشكل عادل في جميع أنحاء البلاد[36].

·       تشريع وتنفيذ القوانين:

على الدولة مسؤولية وضع وتشريع القوانين التي تضمن حماية حقوق المرضى وتوفير العلاج اللازم لهم[37]. يجب أن تتضمن هذه القوانين حماية حقوق الإنسان وضمان حصول الجميع على الرعاية الصحية دون تمييز. كما أن تنفيذ هذه القوانين بشكل فعال يعد مسؤولية أساسية للدولة.

  • تمويل برامج الصحة النفسية والإدمان:

من مسؤوليات الدولة تأمين التمويل اللازم لتشغيل برامج الصحة النفسية وعلاج الإدمان[38]. هذا يتضمن تخصيص الموارد المالية اللازمة لتدريب العاملين في هذا المجال، وتوفير الأدوية والعلاجات، ودعم البرامج الوقائية.

·       الرقابة والمساءلة:

يجب على الدولة أن تضمن وجود آليات رقابية فعالة لمتابعة تنفيذ سياسات الرعاية الصحية وضمان جودتها[39]. يشمل ذلك المساءلة القانونية للمؤسسات والأفراد في حال عدم التزامهم بالمعايير القانونية والأخلاقية.

6. 3. دور المجتمع المدني: دور المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني في دعم وتحقيق الأطر القانونية

تلعب منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية دورًا حيويًا في دعم الجهود الحكومية لتوفير الرعاية الصحية النفسية وعلاج الإدمان[40]. في سوريا، حيث تعاني البنية التحتية من أضرار كبيرة نتيجة النزاع، يصبح دور المجتمع المدني أكثر أهمية.

·        تقديم الدعم المباشر:

العديد من المنظمات غير الحكومية توفر خدمات مباشرة في مجال الصحة النفسية وعلاج الإدمان، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص الخدمات الحكومية. يشمل ذلك تقديم العلاج النفسي، خدمات إعادة التأهيل، والدعم الاجتماعي للمرضى وأسرهم.

·       التوعية والمناصرة:

تلعب منظمات المجتمع المدني دورًا كبيرًا في التوعية حول مخاطر الإدمان وأهمية معالجته. كما تعمل هذه المنظمات على مناصرة حقوق المرضى من خلال الضغط على الحكومات لتحسين السياسات الصحية وضمان تمويل البرامج الصحية.

·       الرصد والتقييم:

تقوم منظمات المجتمع المدني أيضًا بدور المراقب لتطبيق القوانين والسياسات الصحية، حيث تساهم في تقييم فعالية البرامج الحكومية، وتقديم توصيات لتحسينها. هذا الدور يمكن أن يشمل أيضًا جمع البيانات وتوثيق الانتهاكات المتعلقة بحقوق المرضى.

  • الشراكات مع الحكومة:

يمكن أن تسهم منظمات المجتمع المدني في تعزيز الرعاية الصحية من خلال الشراكة مع الحكومة في تنفيذ البرامج الصحية. هذه الشراكات تساعد في سد الفجوات الموجودة في النظام الصحي وتعزز من فعالية السياسات الحكومية.

7. اقتراحات للتغلب على التحديات القانونية والتنفيذية

7. 1. تحديات التشريعات المحلية: مناقشة التحديات التي تواجه تطبيق القوانين السورية المتعلقة بالصحة النفسية وعلاج الإدمان

في سوريا، تواجه التشريعات المتعلقة بالصحة النفسية وعلاج الإدمان تحديات متعددة تجعل من الصعب تنفيذها بفعالية. هذه التحديات نابعة من الوضع السياسي والاجتماعي المعقد بعد عام 2011، بالإضافة إلى العوامل المتعلقة بالبنية التحتية الصحية ونظام العدالة. من بين التحديات الرئيسية:

·       ضعف البنية التحتية الصحية:

النزاع المستمر في سوريا أدى إلى تدمير كبير للبنية التحتية الصحية، مما قلل من قدرة النظام الصحي على تقديم الرعاية النفسية والعلاج من الإدمان. المستشفيات والمراكز الصحية التي كانت تقدم هذه الخدمات تعرضت للدمار أو تعاني من نقص في الأدوية والموارد البشرية.

اقتراح للتغلب على التحدي:
  • إعادة بناء البنية التحتية الصحية: يجب أن تركز جهود إعادة الإعمار على إعادة بناء المستشفيات ومراكز العلاج، مع التأكد من توفير الموارد الضرورية لتشغيلها بشكل فعال.
  • تعزيز الشراكات مع المنظمات الدولية: التعاون مع المنظمات الدولية لإعادة تأهيل وتطوير البنية التحتية الصحية.
·       نقص التمويل:

مع تدهور الوضع الاقتصادي في سوريا، تعاني برامج الصحة النفسية وعلاج الإدمان من نقص التمويل، مما يؤثر سلبًا على توفير الرعاية اللازمة للمرضى.

اقتراح للتغلب على التحدي:
  • زيادة التمويل الحكومي والدولي: يجب على الحكومة السورية وحكومات سلطات الامر الواقع الأخرى، تخصيص جزء من الميزانية لإعادة تمويل برامج الصحة النفسية وعلاج الإدمان. كما يمكن التماس الدعم المالي من المجتمع الدولي والمنظمات غير الحكومية.
  • إشراك القطاع الخاص: قد يكون من المفيد تشجيع الاستثمار الخاص في قطاع الصحة النفسية والإدمان لتوسيع نطاق الخدمات المتاحة.
·       التحديات القانونية والتنظيمية:

النظام القانوني في سوريا ليس مرنًا بما يكفي للتكيف مع التحديات الجديدة المتعلقة بالصحة النفسية والإدمان. هناك حاجة لتحديث القوانين وتكييفها مع المعايير الدولية.

اقتراح للتغلب على التحدي:
  • تحديث التشريعات: يجب إجراء مراجعة شاملة للقوانين المتعلقة بالصحة النفسية والإدمان، بهدف تحديثها وتكييفها مع التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي شهدتها البلاد.
  • تعزيز التدريب القانوني: تدريب القضاة والمحامين على أحدث التطورات في مجال القانون الدولي المتعلق بالصحة النفسية والإدمان.

 

7. 2. التحديات الدولية: تحليل التحديات التي تواجه الدول في تطبيق القوانين الدولية المتعلقة بالصحة النفسية والإدمان

على الصعيد الدولي، تواجه الدول تحديات كبيرة في تطبيق القوانين المتعلقة بالصحة النفسية وعلاج الإدمان. هذه التحديات تختلف من دولة إلى أخرى بناءً على السياقات الثقافية والاجتماعية والسياسية، ولكن هناك بعض التحديات المشتركة التي تؤثر على معظم الدول.

·       التفاوت في الموارد والقدرات:

تواجه العديد من الدول، خاصة الدول النامية، تفاوتًا كبيرًا في الموارد والقدرات التي تمكنها من تطبيق القوانين الدولية المتعلقة بالصحة النفسية والإدمان. نقص الموارد المالية والبشرية يمكن أن يؤدي إلى تنفيذ غير فعال للقوانين.

اقتراح للتغلب على التحدي:
  • تعزيز التعاون الدولي: يجب على الدول المتقدمة تقديم الدعم المالي والفني للدول النامية لتحسين قدراتها على تنفيذ القوانين المتعلقة بالصحة النفسية والإدمان.
  • بناء القدرات المحلية: يجب التركيز على تطوير قدرات العاملين في مجال الصحة النفسية والإدمان من خلال التدريب والتأهيل المستمر.
·       التحديات الثقافية والاجتماعية:

تواجه بعض الدول تحديات ثقافية واجتماعية تعيق تطبيق القوانين المتعلقة بالصحة النفسية والإدمان، حيث قد تكون هناك وصمة اجتماعية مرتبطة بالإدمان أو مشكلات نفسية تحول دون طلب المساعدة.

اقتراح للتغلب على التحدي:
  • إطلاق حملات توعية: يجب أن تطلق الحكومات والمنظمات غير الحكومية حملات توعية لتغيير النظرة المجتمعية للإدمان والأمراض النفسية، وتشجيع الأفراد على طلب العلاج.
  • إدماج الصحة النفسية في برامج الرعاية الأولية : يمكن أن يساعد إدماج خدمات الصحة النفسية في برامج الرعاية الأولية في تقليل الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالإدمان.
·       التحديات القانونية الدولية:

قد يكون من الصعب على بعض الدول الالتزام بالقوانين والمعاهدات الدولية المتعلقة بالصحة النفسية والإدمان بسبب الفروق بين الأنظمة القانونية المختلفة، أو نتيجة للسيادة الوطنية التي قد تعيق تنفيذ المعايير الدولية.

اقتراح للتغلب على التحدي:
  • تعزيز الحوار القانوني الدولي: يجب تعزيز الحوار بين الدول لوضع معايير قانونية مشتركة في مجال الصحة النفسية والإدمان، مع احترام الخصوصيات الوطنية.
  • تسهيل الوصول إلى العدالة الدولية: يمكن أن تعمل المنظمات الدولية على تسهيل الوصول إلى العدالة الدولية للدول التي تواجه تحديات قانونية في تنفيذ القوانين الدولية.
8. الاستنتاجات
8.     1. تلخيص النتائج الرئيسية التي توصل إليها البحث

في ضوء التحليل الشامل للتشريعات السورية المتعلقة بالصحة النفسية وعلاج الإدمان، ومقارنتها بالتشريعات الدولية، يمكن استخلاص عدة نتائج رئيسية تعكس الوضع الحالي في سوريا، بالإضافة إلى التحديات والفرص المتاحة لتحسين النظام القانوني وتقديم الرعاية الصحية الملائمة. وأبرز هذه النتائج:

  1. الحاجة الملحة لتحديث التشريعات السورية :

النظام القانوني السوري فيما يتعلق بالصحة النفسية وعلاج الإدمان، ورغم وجود بعض الأسس القانونية، يظل غير كافٍ في مواجهة التحديات المتزايدة التي فرضتها الظروف الحالية في البلاد. والقوانين الحالية، مثل القانون رقم 2 لعام 1993، تحتاج إلى تحديث شامل يأخذ في الاعتبار التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي شهدتها سوريا بعد انطلاق الثورة اعام 2011.

  1. تعزيز التركيز على التدابير العلاجية والوقائية :

واحدة من النتائج الرئيسية التي توصل إليها البحث هي الحاجة الماسة إلى تعزيز الجوانب العلاجية والوقائية في التعامل مع مشكلات الإدمان في سوريا. يجب أن تتضمن التشريعات الجديدة إجراءات أكثر فعالية لتوفير العلاج والدعم النفسي للمدمنين، مع التركيز على الوقاية والتعليم المجتمعي لخفض معدلات الإدمان.

3. ضرورة حماية حقوق المرضى ومقدمي الرعاية :

التحليل أظهر أهمية توفير حماية قانونية قوية لحقوق المرضى، بما في ذلك حقهم في الحصول على العلاج المناسب، والرعاية الصحية دون تمييز. كما تبين أن مقدمي الرعاية الصحية بحاجة إلى حماية قانونية أفضل، وضمانات توفر لهم بيئة عمل آمنة ودعمًا مهنيًا ونفسيًا.

4. الحاجة إلى تحسين البنية التحتية الصحية :

التدمير الواسع للبنية التحتية الصحية في سوريا نتيجة النزاع، يشكل عائقًا كبيرًا أمام تقديم الرعاية النفسية وعلاج الإدمان. إعادة بناء هذه البنية التحتية يعتبر أمرًا ضروريًا لتحقيق أي تحسين في هذا المجال، ويجب أن يشمل ذلك بناء مستشفيات ومراكز تأهيل جديدة، مع تأمين التمويل والدعم الدولي اللازمين.

5. تعزيز التعاون الدولي ودور المجتمع المدني :

أكد البحث على أهمية تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة المخدرات وعلاج الإدمان. يمكن لسوريا أن تستفيد من الخبرات والدعم الدولي في إعادة بناء نظامها الصحي. كما أن دور المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية يصبح أكثر أهمية في ظل الظروف الحالية، حيث يمكن لهذه المنظمات تقديم الدعم المباشر والتوعية والمناصرة لحماية حقوق المرضى وتعزيز الرعاية الصحية.

6. ضرورة معالجة التحديات القانونية والتنظيمية :

التحديات القانونية والتنظيمية الحالية تشكل عقبة أمام تنفيذ التشريعات بشكل فعال. هناك حاجة ماسة لتطوير إطار قانوني أكثر مرونة وتكيفًا مع الظروف المتغيرة، مع تعزيز التدريب القانوني وتحسين آليات الرقابة والمساءلة لضمان تنفيذ القوانين بشكل صحيح.

الخاتمة

يواجه النظام القانوني والرعاية الصحية في سوريا تحديات كبيرة في التعامل مع قضايا الصحة النفسية وعلاج الإدمان، خاصة في ظل الظروف التي أفرزها النزاع المستمر. ومع ذلك، فإن هناك فرصًا كبيرة لتحسين هذا النظام في حال الوصول الى حل سياسي دائم في سوريا وبيئة آمنة يمكن  من خلالها تحديث التشريعات، وتعزيز التدابير العلاجية والوقائية، وتحسين البنية التحتية الصحية، وحماية حقوق المرضى ومقدمي الرعاية. من خلال التعاون الدولي ودور المجتمع المدني، يمكن لسوريا أن تتجاوز هذه التحديات وتحقق نظامًا صحيًا أكثر شمولية وفعالية.

المراجع
 
  1. American Medical Association. (n.d.). Code of Medical Ethics. Retrieved from https://www.ama-assn.org/delivering-care/ethics/code-medical-ethics
  2. European Monitoring Centre for Drugs and Drug Addiction. (2015). Treatment and care for drug users in prison. Retrieved from https://www.emcdda.europa.eu
  3. Hughes, C. E., & Stevens, A. (2010). What Can We Learn From The Portuguese Decriminalization of Illicit Drugs? British Journal of Criminology, 50(6), 999-1022. Retrieved from https://academic.oup.com/bjc/article/50/6/999/331669
  4. Human Rights Watch. (n.d.). Advocacy and Public Awareness on Mental Health. Retrieved from https://www.hrw.org
  5. International Federation of Red Cross and Red Crescent Societies. (n.d.). Guidelines for Health and Social Services. Retrieved from https://www.ifrc.org
  6. National Institute on Drug Abuse. (n.d.). Principles of Drug Addiction Treatment: A Research-Based Guide. Retrieved from https://www.drugabuse.gov
  7. Organization for Economic Co-operation and Development. (n.d.). Health System Performance Assessment: A Framework for Policy Analysis. Retrieved from https://www.oecd.org
  8. United Nations. (1961). Single Convention on Narcotic Drugs. Retrieved from https://www.unodc.org/pdf/convention_1961_en.pdf
  9. United Nations. (1966). International Covenant on Economic, Social and Cultural Rights. Retrieved from https://www.ohchr.org/en/professionalinterest/pages/cescr.aspx
  10. United Nations Development Programme. (n.d.). Governance and Civil Society: Partnerships for Health. Retrieved from https://www.undp.org
  11. World Bank. (n.d.). Civil Society Engagement and Health System Accountability. Retrieved from https://www.worldbank.org
  12. World Health Organization. (2004). Neuroscience of Psychoactive Substance Use and Dependence. Retrieved from https://www.who.int
  13. World Health Organization. (n.d.). Mental Health Care and Human Rights. Retrieved from https://www.who.int
  14. World Health Organization. (n.d.). Guidelines on Reporting and Managing Violence in Health Care Settings. Retrieved from https://www.who.int
  15. World Health Organization. (n.d.). Investing in Mental Health. Retrieved from https://www.who.int
  16. القانون رقم 2 لعام 1993 لمكافحة المخدرات في سوريا

[1] World Health Organization. (2018). Mental health: strengthening our response. Retrieved from https://www.who.int/

[2] American Psychiatric Association. (2013). Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders (5th ed.). Arlington, VA: American Psychiatric Publishing.

[3] National Institute on Drug Abuse. (2020). Comorbidity: Substance Use Disorders and Other Mental Illnesses. Retrieved from https://www.drugabuse.gov/

[4] Smith, J., & Brown, P. (2016). Mental Health and Substance Abuse: A Dual Diagnosis Approach. New York, NY: Springer Publishing.

[5] World Health Organization. (2011). Rotterdam Declaration on Mental Health and Human Rights. Retrieved from https://www.who.int/

[6] United Nations. (1961). Single Convention on Narcotic Drugs. Retrieved from https://www.unodc.org/

[7] World Health Organization. (2011). Rotterdam Declaration on Mental Health and Human Rights. Retrieved from https://www.who.int/

[8] United Nations. (1966). International Covenant on Economic, Social and Cultural Rights. Retrieved from https://www.ohchr.org/

[9]  United Nations. (2006). Convention on the Rights of Persons with Disabilities. Retrieved from https://www.un.org/

[10] وزارة العدل السورية. (1993) (القانون رقم 2 لعام 1993 - قانون مكافحة المخدرات)

[11] أصلان، ع. (2022). التعاطي بين الإباحة والتجريم على ضوء خطة المشرع السوري. مجلة جامعة تشرين، سلسلة العلوم الاقتصادية والقانونية، 44(4)، 333-344.

[12] وزارة العدل السورية. (1993). القانون رقم 2 لعام 1993 - قانون مكافحة المخدرات

[13] Controlled Substances Act (CSA), United States.
https://www.dea.gov/drug-information/csa#:~:text=The%20Controlled%20Substances%20Act%20(CSA,and%20safety%20or%20dependence%20liability.

[14] Portuguese Law on Decriminalization of Drug Use (2001)
https://transformdrugs.org/blog/drug-decriminalisation-in-portugal-setting-the-record-straight

[15] Swedish Penal Code on Narcotic:
https://www.government.se/contentassets/3c9ccdab2eb943caadf1e8cc1bfe40ec/excerpts-from-the-act-on-penal-law-on-narcotics-1968_64.pdf

[16] المخدرات-في-هولندا:
https://mainline.nl/en/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D9%87%D9%88%D9%84%D9%86%D8%AF%D8%A7/

[17] UK Misuse of Drugs Act  https://www.legislation.gov.uk/ukpga/1971/38/contents

[18] Hughes, C. E., & Stevens, A. (2010). What Can We Learn From The Portuguese Decriminalization of Illicit Drugs? British Journal of Criminology, 50(6), 999-1022.

[19] World Health Organization. (2004). Neuroscience of Psychoactive Substance Use and Dependence. Retrieved from https://www.who.int/

[20] United Nations. (1961). Single Convention on Narcotic Drugs.

[21] European Monitoring Centre for Drugs and Drug Addiction (EMCDDA). (2015). Treatment and care for drug users in prison

[22] International Covenant on Economic, Social and Cultural Rights (ICESCR), Article 12.

[23] World Health Organization (WHO). Mental Health Care and Human Rights

[24] Universal Declaration on Bioethics and Human Rights (UNESCO), Article 6.

[25] European Convention on Human Rights (ECHR), Article 8.

[26] United Nations Principles for the Protection of Persons with Mental Illness and the Improvement of Mental Health Care, Principle 1.

[27] World Health Organization (WHO). Health Worker Occupational Health: The Role of Occupational Health in the Workplace

[28] International Labour Organization (ILO). Occupational Safety and Health Convention, 1981 (No. 155).

[29]European Centre for the Development of Vocational Training (Cedefop). Continuing Professional Development for Health Professionals.

[30] World Health Organization (WHO). Health Workforce Governance: Improved Access to Health Services through Better Governance.

[31] American Psychological Association (APA). Psychological Support for Health Workers

[32] American Medical Association (AMA). Code of Medical Ethics

[33] World Health Organization (WHO). Guidelines on Reporting and Managing Violence in Health Care Settings.

[34] Emergency Care Research Institute (ECRI). Emergency Response and Preparedness in Health Care Settings.

[35] National Institute on Drug Abuse (NIDA). Principles of Drug Addiction Treatment: A Research-Based Guide.

[36] United Nations. International Covenant on Economic, Social and Cultural Rights (ICESCR), Article 12.

[37] United Nations. Universal Declaration of Human Rights, Article 25

[38] World Health Organization (WHO). Investing in Mental Health.

[39] Organization for Economic Co-operation and Development (OECD). Health System Performance Assessment: A Framework for Policy Analysis.

[40]United Nations Development Programme (UNDP). Governance and Civil Society: Partnerships for Health.

 

__________________________________________________________________

(للاطلاع على التقرير كملف pdf يُرجى تحميل الملف المُرفق أسفل الصفحة)

---------------------------------------------------------------------------------------

الحقوق الفكرية محفوظة لصالح المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام © 2024

876.05 كيلوبايت

تابعنا على الفيسبوك

القائمة البريدية


تابعنا على تويتر

جميع الحقوق محفوطة للمؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام © 2024