الدكتور محمد خير الوزير لراديو الكل: الديمقراطية تنتجها كفاح الشعوب ونضالها
الدكتور محمد خير الوزير لراديو الكل: الديمقراطية تنتجها كفاح الشعوب ونضالها
تاريخ النشر: 2021/06/27 م
استضافت الحلقة الأخيرة من برنامج "حريات" الذي يقدمه الإعلامي "سونير طالب" على راديو الكل؛ الدكتور محمد خير الوزير المدير العام للمؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام.
استهل مقدم البرنامج حواره بتقديم موجز عن الانتخابات في دول العالم المتحضر، وكيف استطاعت أن تنبذ خلافاتها بعد مجموعة كبيرة من الصراعات الداخلية والخارجية، وأن تكرس الديمقراطية كمنهج أساسي وسيادي للحكم عبر صناديق الاقتراع. وعلى الرغم أن الأعضاء المؤسسون عندما صاغوا ميثاق الأمم المتحدة لم يُضَمِّنوا مفردة "الديمقراطية" فيه، ولم تكن كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تتبنى الديمقراطية نظاما سياسيا، إلا أن العبارة الافتتاحية في ميثاقها تنص على "نحن الشعوب" وبالتالي تعكس المبدأ الأساسي المتعلق بالديمقراطية الذي يقول أن إرادة الشعب تمثل مصدر شرعية الدول ذات السيادة.
كما أن الإعلان العالمي لحقوق الأنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة في العام 1948م يصور بوضوح مفهوم الديمقراطية حيث ينص "إن إرادة الشعب أساس لسلطة الحكومة"، وأضحى الإعلان منذ ذلك التاريخ ملهماً لواضعي الدساتير في كافة أنحاء العالم، وأسهم إسهاما كبيرا في تقبل الديمقراطية بوصفها قيمة عالمية، وأدت الانتخابات التي هي من صميم الديمقراطية إلى جعل تقرير المصير المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة واقعا متاحا؛ وارتبط تاريخ منظمة الأمم المتحدة مع الانتخابات ارتباطا وثيقا، فرصدت وراقبت الانتخابات في شبه الجزيرة الكورية، وأشرفت أثناء الفترة اللاحقة للوصاية وإنهاء الاستعمار على مراقبة الاستفتاءات والانتخابات في جميع أنحاء العالم، وغيرها من النشاطات التي تهدف إلى دعم الدول الأعضاء في إجراء انتخابات دورية وشاملة وشفافة وذات مصداقية من الشعب، وإنشاء عملية انتخابية مستدامة على الصعيد الوطني في كل دولة من الدول الأعضاء وبشكل مستقل.
الديمقراطية نتاج كفاح الشعوب، والأمم المتحدة ليس مخولة بفرضها على أي دولة
اعتبر المدير العام للمؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام د. محمد خير الوزير أن الواقع الذي نعيشه والذي يتمثل بوجود دول تمارس فيها الديمقراطية والانتخابات، وأخرى تتحكم فيها السلطة الحاكمة المتسلطة الدكتاتورية والقمع، يتم تغييره من خلال نضال الشعوب وما يقع على كاهلها بالكفاح بكافة الطرق الممكنة والشرعية للوصول إلى عقد اجتماعي يتعاقد عليه الشعب مع الحاكم عبر قواعد تناسبهم، ويحصل على حقه في انتخاب من يحكمه، باعتبار أن إرادة الشعب هي منبع الديمقراطية، مؤكدا على قوله من خلال استعراضه وقراءته لمجموعة من النظم الديمقراطية في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وسويسرا، بأن الإنتاج البشري لا يمكن أن يكون كاملاً، وتعتريه دائما بعض النواقص والثغرات، وأن تلك النظم دائما تحاول الإصلاح، فعلى سبيل المثال تُمارس في أمريكا ديمقراطية النخبة؛ وبالتالي يختلفون قليلا عن الأنظمة الأوروبية والاسكندنافية.
وتوجد هناك أيضا تجارب مُطوّرة، حتى تصل إلى ماهي عليه في سويسرا مثلا "الديمقراطية المباشرة" وفيها يصوت كل الشعب وبكافة طبقاته وبدون تفريق على أمر ما يحتاج للتصويت، وليس فقط عن طريق النواب الذين انتخبهم في البرلمان، بل إن هناك بعض الأمور يصوت عليها المُقيمون حيث يدخلون في التصويت، لأنهم يرون أن من حق المقيمين إقامة دائمة أن يشاركوا في التصويت على بعض الأمور وليس كلها.
وفي سويسرا هم مستمرون ليصلوا إلى المواطنة الكاملة، وتعترضهم بعض التحديات والثغرات، لكنهم يعملون عليها دائما، فهي ليست شعبًا واحدًا بل شعوب "العرق الإيطالي، والعرق الفرنسي، والعرق الألماني، والروماني الأصلي"، وكلهم حاصلون على حقوقهم.
وكل ما سبق عرضه من التجربة الديمقراطية السويسرية يحتاج إلى كفاح، وإلى مراحل، و لا يمكن عبر مرحلة واحدة الوصول إليه، نظرا لحاجته إلى أن يكون الشعب مهيئًا إلى هذا المفهوم، والعمل على تأهيله وتطويره، بالإضافة إلى تأثر الديمقراطية بحسب المعيشة والظروف التي تمارس فيها بحسب د. الوزير.
الديمقراطية بين النظرية والتطبيق
أشار الدكتور الوزير في لقائه عبر برنامج حوارات إلى أن الأمم المتحدة كمؤسسة تشرف على تطبيق الديمقراطية أنها مقيدة بأعضائها، ورأى أنها أول من يخل بمفهوم الديمقراطية من خلال المجلس الأعلى فيها "مجلس الأمن" الذي توجد فيه خمس دول لها حق النقض "الفيتو" الذي تكرر في المسألة السورية عبر الفيتو الروسي والصيني، والقضية الفلسطينية عبر استخدام الفيتو الأمريكي، وبالتالي فإن ممارستها للديمقراطية منقوصة.
وفي الطرف المقابل رأى الدكتور الوزير باعتباره باحثا سياسيا أن كل الديكتاتوريات في العالم، تنتشر في الشرق الأوسط وفي افريقيا؛ كنظام حكم حافظ الأسد الذي صدع رأسنا بالديمقراطية، والاحتفالات الديمقراطية والعرس الديمقراطي والديمقراطية، والقذافي الرئيس الليبي ديمقراطي، وأطلق على الدولة تسمية "الجماهيرية الليبية الديمقراطية العظمى" وحسني مبارك ديمقراطي، كلهم يتكلمون بالديمقراطية، لكن الكلام شيء والفعل شيء آخر.
وأشار د. الوزير إلى وجود جمهورية الكونغو الديمقراطية، ولفت الانتباه إلى أنها كانت تحت الرقابة الانتخابية، ومع ذلك لم ينجح شيء، فالصراع المسلح والواقع الذي يعيشه الشعب من فقر وجوع شيء آخر، رغم ما تمتلكه من ثروات، ويعد رئيسها من أغنى الأشخاص في العالم.
وأوضح الدكتور الوزير إلى أن نجاح الديمقراطية لا يمكن مهما كان هناك رقابة، فكلما طورت جهاز الرقابة، فإن الجهاز السيء سيطور جهاز تمرير الأفكار الخاصة به عبر جهاز الرقابة، يعني مثل عندما نتحدث بموضوع الموبايلات، فكلما طوّرت نظاما فإن الهكر يطور نظام الاختراق الخاص به، دائما هذا الأمر لايمكنك ضبطه 100%. وعوّل لتفادي هذا الأمر العمل على بناء إرادة الشعب الحرة التي تستطيع هي أن تحاسب، فعندما لا يملك الشعب سلطة المحاسبة لهذه الحكومات، لا يمكن أن تتحقق الديمقراطية أولا، وعندما تكون سلطة القانون فوق الجميع بما فيهم الحاكم، فمثلا في سويسرا يتم محاكمة حاكم جنيف ومقاضاته بسبب عدم تصريحه عن هدية قُدمت له من حاكم الإمارات.
ختم الدكتور الوزير حديثه بأنه على الرغم من كل الحرية التي عشناها بعد الثورة إلا أننا لم نصل إلى أننا نستطيع أن نقاضي مسؤولا ما، وأن الشعب السوري قادر على الوصول إلى مستوى محاسبة المسؤولين دون افتراء كمستوى متقدم للديمقراطية التي ينشدها، وذلك من خلال التأهيل والمدة الزمنية الكافية لانتاج وتكوين نفسه.
---------------------------------------------------------------------------------------
الحقوق الفكرية محفوظة لصالح المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام © 2021
يمكنكم متابعة المقابلة كاملة عبر قناة "المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام" على اليوتيوب